"ارتعدوا يا من مصصتم دم التعساء"(٤٧). وفي ١٧٩١ بدأ مارا حملة شخصية ضد لافوازييه. فقد كان "صديق الشعب" قد نشر في ١٧٨٠ "أبحاثاً فيزيائية في النار" زعم فيها أنه أظهر للعيان العنصر الخفي في النار، وأبى لافوازييه أن يأخذ هذا الزعم مأخذ الجد. ولم ينس مارا له فعلته هذه. ففي عدد ٢٧ يناير ١٧٩١ من مجلته "صديق الشعب" اتهم مارا الكيميائي -المالي بأنه دجال ضخم الموارد، رجل "سنده الوحيد في المطالبة بتقدير الشعب له أنه حبس باريس بمنعه الهواء النقي عنها بسور كلف الفقراء ٣٣ مليون جنيه. فليته شنق على عمود المصباح"(٤٨). وفي ٢٠ مارس ١٧٩١ ألغت الجمعية التأسيسية هيئة الالتزام العام.
وجاء دور الهجوم الآن على أكاديمية العلوم، لأن جميع المؤسسات التي تخلفت عن النظام القديم اشتبه في تعاطفها مع أعداء الثورة. ودافع لافوازيبه عن الأكاديمية، فأصبح الهدف الأكبر للهجوم. وفي ٨ أغسطس صدر الأمر بأن تحل الأكاديمية نفسها. وفي اجتماع لها وقع جدول الورديات فيمن وقع لاجرانج، ولافوازييه، ولالاند، ولامارك، وبرتولليه، ومونج. وانصرف كل منهم إلى حال سبيله مؤملا ألا تعثر عليه الجيلوتين.
في هذا الشهر قدم لافوازييه إلى المؤتمر مشروع نظام قومي للمدارس أوحت به إليه أفكار كوندورسيه، ويقضي بأن يكون التعليم الابتدائي مجاناً للجنسين "لأن هذا واجب مفروض على المجتمع نحو الطفل. " أما التعليم الثانوي، المباح أيضاً للجنسين، فيوسع بتأسيس الكليات الصناعية في جميع أرجاء فرنسا. وبعد شهر فتش عمال الحكومة مسكنه، وكان بين الخطابات التي وجدت به من أصدقاء لافوازييه خطابات نددت بالثورة، وتحدثت في أمل عن الجيوش الأجنبية التي ستطيح بها سريعاً، وأظهرت خطابات أخرى أن لافوازييه وزوجته يخططان للهروب إلى إسكتلنده (٤٩). وفي ٢٤ نوفمبر ١٧٩٣ قبض على اثنين وثلاثين من الملتزمين العموميين السابقين، ومن بينهم لافوازييه. وقد حركت زوجته كل نفوذ ليفرج عنه، ففشلت، ولكن سمح لها بزيارته. وفي السجن واصل عمله في شرحه للكيمياء الجديدة. واتهم الماليون بأنهم تقاضوا رباً فاحشاً وغشوا التبغ بالماء، وابتزوا ١٣٠ مليون جنيه في أرباح غير مشروعة.