في غمرة التحمس للدين والأخلاق لم يحس البيوريتانيون بالحاجة إلى أدب دنيوي. وكان في إنجيل الملك جيمس الأول (أي الذي ترجم إلى الإنجليزية في عهده) زاد كاف لهم من الأدب. وبدأ كل شيء فيما عداه، تقريباً، وتافهاً أو خبثاً آثماً. وفي ١٦٥٣ اقترح أعضاء البرلمان ألا يدرس في الجامعات سوى الأسفار المقدسة و "كتاب يوم وما يماثله (١) ". وقد يبدو هذا الأمر مزعجاً محزناً، ولكن يجدر أن نلاحظ أنه في ذروة هيمنة البيورتانيين (١٦٥٣) نشر توماس اركهارت ترجمته الرائعة لرابليه (١)، مؤثراً الأدب الداعر المكشوف على الإيمان بالبعث والحساب. وفي العام نفسه أخرج إيزاك والتون كتابه صياد السمك المثالي Compleat Angler كشف فيه عما في الماء من أسماك، وحتى في أيامنا هذه التي نقفز فيها قفزات حكيمة من نوع من السمك إلى آخر، نجد هذا الكتاب ممتعاً في بساطته وعذوبة أسلوبه، كما أنه يذكرنا بأنه على حين كانت إنجلترا تمر بثورة لا تقل عنفاً عن ثورة ١٧٨٩، فإن الناس كانوا يستطيعون أن يقصدوا في هدوء إلى القنوات في الريف ليصيدوا ويوقعوا في شراكهم مخلوقاً حذراً يقظاً.
(١) الكتابان الأول والثاني ١٦٥٣؛ والثالث ١٩٦٣. وأكمل بيير موتيه الترجمة في ١٧٠٨.