تحقيقه في تقدمه شرقاً: وأن يغزو بلاد العدو ويهزم جيوشه ويستولي على عاصمته ويجبره على التخلّى عن عرشه، ويجبره على السلام.
[٢ - إلى براغ]
وفي هذه الأثناء كان نابليون يحارب للاحتفاظ بمكانه في فرنسا ولم يعد مفتوناً بانتصاراته. وكاد يتعيّن على كل أسرة في فرنسا أن تسلّم ابنا أو أخا آخر من أبنائها. لقد كانت الطبقة الوسطى قد رحّبت بنابليون كحامٍ لها، لكنه الآن أصبح ملكياً أكثر من البوربون وحلّق حوله الملكيين الذين كانوا قد تآمروا لخلعه. ولم يكن القسس يثقون في نابليون، وكان الجنرالات الفرنسيون يتمنَّون السلام. وكان نابليون نفسه قد تَعِب من الحرب. لقد تضخم بطنه (كرشه) وأرهقته الآلام وكبر سنه وبَطُؤ تفكيره وتذبذبت إرادته، ولم يعد قادر أن يستخلص من جوهر النصر فتنة تدعوه إلى مزيد من المعارك أو تفتح شهيته للحكم. كيف يستطيع هذا الرجل المرهق أن يجد في هذه الأمة المرهقة الموارد البشرية المطلوبة لمواجهة أعداء في ذروة الاندفاع؟
لكن اعتزازه بنفسه وفخره كانا هما آخر قوة يركن إليها. فهذا القيصر الغادر، هذا الراقص الوسيم الذي يلعب دور الجنرال، وهذا الجيش الذي يصيبه الرعب أمام القوزاق Cossack - جيش فريدريك، وهذا المارشال الفرنسي الذي تخلّى عن قضية وطنه والمفترض أنه سيقود الجيش السويسري ضد بلاده (فرنسا) - كل أولئك لن يجدوا الشجاعة والمهارة والسرعة التي تحلى بها الجندي الفرنسي، والتي تتحلى بها أمة قوية متحمسة لحماية أرقى الحضارات في أوروبا. قال نابليون في ديسمبر سنة ١٨١٢ في دعوة يائسة لاستنهاض الفخر العنصري:"من الآن فصاعدا ليس لأوروبا إلا عدو واحد - الصنم الروسي الكبير".
ومن ثمّ فرض الضرائب وتفاوض للحصول على القروض، وسحب من رصيده المالي في أقبية التوليري، وأصدر الأوامر باستدعاء دفعة التجنيد الإجباري لسنة ١٨١٣ للخدمة العسكرية الفعلية، وأن يتم تدريب دفعة ١٨١٣، كما أمر بإعداد الكتائب العسكرية التي كانت معدّة للخدمة داخل فرنسا، لتكون مستعدة للحرب خارجها كما أمر بإبرام عقود