كان من بين الكرادلة الثمانية عشر الذين اجتمعوا ليختاروا البابا الجديد، خمسة عشر إيطالياً؛ وكان ردريجو بورجيا Raderigo Borgia اسبانياً، ودستوتفيل d'Estouteville فرنسياً، وبيساريون Bessarion يونانياً. ووصف أحد الذين اشتركوا في انتخاب الكردنال فرانتشيسكو دلا روفيري Francesco della Rovere هذا الانتخاب بأنه كان نتيجة "الدسائس والرشوة" ( ex arbitus et corruptelis) (٤١) ، ولكن يبدو أن هذا القول لا يعني إلاّ أن بعض الكرادلة قد وعدوا ببعض المناصب ثمناُ لأصواتهم. وكان البابا الجديد مثلاً فذاً لتكافؤ الفرص (بين الإيطاليين) ومقدرتهم على أن يصلوا إلى عرش البابوية. فقد ولد لأسرة من الفلاحين في بيكوريلي Pecorille القريبة من سافونا Savona. وكثيراً ما انتابه المرض في طفولته، ولذلك نذرته أمه إلى القديس فرانسس وهي تدعو إلى الله أن يمن عليه بالشفاء. ولمّا بلغ التاسعة من عمره أرسل إلى دير من أديرة الرهبان الفرنسيس ثم انضم فيما بعد إلى المنوريين Minorites. ثم اشتغل بعدئذ مربياً خاصاً في أسرى الروفيري التي اتخذ أسمها اسماً له. ودرس الفلسفة واللاهوت في باريس، وبولونيا، وبدوا، واشتغل بتدريس العلمين في هذه المدن وفي غيرها لفصول بلغ ازدحامها أن قيل أن كل عالم إيطالي من علماء الجيل التالي يكاد يكون تلميذه.
ولمّا صار، وهو في السابعة والخمسين من عمره، البابا سكستس الرابع اشتهر بأنه من العلماء المشهورين بغزارة علمهم واستقامة أخلاقهم. وتبدل الرجل بين يوم وليلة تبدلاً من أغرب ما حدث في التاريخ فأصبح سياسياً