وبعد بضعة أيام زار كازانوفا فولتير في فيلته المباهج": قلت له: مسيو فولتير، هذا اليوم مفخرة حياتي الكبرى. لقد كنت تلميذك طوال عشرين عاماً، وإن قلبي ليطرب لروية معلمي.
وسألني من أين جئت.
قلت "من روش. إنني لم أرد أن أبرح سويسرة دون أن أرى هاللر .. ولقد احتفظت بك كأنك النقل أختم به طعامي. "
"هل سررت من هاللر؟ "
"لقد أنفقت معه ثلاثة من أسعد أيام حياتي. "
"إني أهنئك"
"يسرني أنك تنصفه. ويؤسفني أنه لا ينصفك إنصافك إياه". "
"أها! ربما كان كلانا مخطئاً"(١٧).
وفي ١٧٧٥، نشر هاللر آخر كتبه وكأنه يذيع على العالم كلمته الأخيرة، واسم الكتاب "وسائل تتناول عدة محاولات أخيرة للفكر الحر .. ضد الوحي"، وهو محاولة جادة لمعارضة كتاب فولتير "أسئلة في الموسوعة. " وكتب رسالة مؤثرة للزنديق الرهيب، دعاه (وهو في الحادية والثمانين) إلى أن يستعيد "تلك السكينة التي تهرب حين تدنو العبقرية"، ولكنها تقبل على الإيمان الواثق؛ " عندها سيكون أشهر رجل في أوربا أسعدهم كذلك"(١٨). على أن هاللر نفسه لم يظفر بهذه السكينة قط. فقد كان برما في المرض لفرط إحساسه بالألم "كان في سنواته الأخيرة يدمن تعاطي الأفيون الذي لم يكن له من أثر إلا زيادة ضجره الفطري لأنه لم يكن سوى ملطف وقتي لألمه"(١٩). وكان يعاني من خوف الجحيم، ويلوم نفسه على فرط ما بذل "لنباتاتي وغيرها من الحماقات"(٢٠). وقد أدرك السكينة في ١٢ ديسمبر ١٧٧٧.
[٣ - جنيف]
لم تكن جنيف في هذا القرن مقاطعة داخلة في الاتحاد، بل جمهورية قائمة بذاتها- المدينة وما وراء البحيرة - تتكلم الفرنسية وتدين بالمذهب