قام مئات من الصناع الفنانين بتزيين الحياة الفرنسية في هذا العصر المرح، عصر فرانسوا الأول وهنري الثاني. ونقش النجارون مقاعد المرتلين في كنائس بوفيه، وآميان، وأوخ، وبرو، وتجرءوا على زخرفة المباني القوطية بمناظر حية من النهضة تمثل آلهة الحقوق، والعرافات. وأتباع باخوس والسواتير، بل تمثل بين الحين والحين فينوس أو كيوبيد، أو جانيميد. أو قد تراهم- لكي نلاحقهم ملاحقة محمومة- يصنعون الموائد، والكراسي، والإطارات، والمراكع، والأسرة، والخزائن، وينقشونها بزخارف ربما كانت مسرفة، أو يكتفونها بالمعادن أو يطعمونها بالعاج أو الأحجار الكريمة. أما صناع الأشغال المعدنية الذين بلغوا الآن ذروة الإتقان فقد خلعوا الجمال الرائع على الأواني والأسلحة بزخرفتها بالنقوش الدمشقية أو بحفرها، ورسموا النوافذ ذات المصبعات- بقصائد من الشعر في زخرف حديدي من الشجر- للكنائس والهياكل والحدائق والمقابر، أو صنعوا مفصلات كتلك التي نراها على أبواب نوتردام الغربية، وفيها من الجمال ما جعل الأتقياء ينسبون صنعها إلى أيدي الملائكة. وقد اعترف تشلليني، وهو الذي لم يبق لغيره مديحاً يذكر بعد أن أشيع حاجاته منه، بأن الصباغ الفرنسيين قد بلغوا في صنعهم آنية الكنائس- أو آنية المنازل كتلك التي حفرها جان دوريه لهنري الثاني- "درجة من الإتقان والكمال لا تجدها في أي بلد آخر"(١٠). أما الزجاج الملون (المعشق) في كنيسة مرجريت النمساوية في برو، أو في كنيسة سانت إتيين في بوفيه، أو في كنيسة سانت إتيين دمون في باريس، فقد كشف عن عظمة لم تكن فارقت فرنسا بعد. وقد أنشأ فرانسوا في فونتنبلو مصنعاً تنسج فيه قطع النسيج