مجريات الأحداث، فلا إرادة لي. إنني أترقب كل الأمور عند صدورها - أي من مصادرها".
فالأعظم والأعلى سلطة هو الذي يمتلك قدراً أقل من حرية الإرادة فثمة قوى أكثر وأعظم إرادة تفرض نفسها عليه وترتطم بإرادته فالمرء يعتمد على الظروف والأحداث. "إنني العبد Slave الأعظم بين الرجال فسيّدي هو طبيعة الأشياء". لقد مَزَج بين أمزجته المتقلبة وحالاته النفسية المتباينة والفكرة المنطوية على كبرياء والتي مؤدّاها أنه كان أداة في يد القدر، وهو يقصد بالقدر طبيعة الأشياء التي تفرض مجرى الأحداث ونهاياتها. إن القدر يدفعني لهدف أجهله، وحتى يتحقق هذا الهدف "فأنا منيع حصين لا يستطيع أحد مواجهتي فإذا ما تحقق هذا الهدف أصبحت ذبابة واحدة كافية لتدميري". لقد شعر بنفسه مقيّداً بقدر محتوم، قدر رائع لكنه خَطير. لقد كان المجد والظروف يسوقانه سَوْقاً "فلابد من إنجاز ما يريده القدر".
وكان نابليون يفكر مراراً - مثلنا جميعاً - في الموت، وكان تكوينه النفسي يجعله ميالاً للدفاع عن الانتحار أو التأمل فيه. وفي شبابه شعر "أنّ الانتحار هو الحق النهائي لكل إنسان" لكنه عندما بلغ الواحدة والخمسين أضاف لذلك إذا لم يضر بموته أحداً وكان لا يؤمن بالخلود،
"ليس هناك خلود وإنما الذكرى التي يتركها المرء في عقول الناس ونفوسهم … أن تعيش بلاد مجد، ودون أن تترك أثراً لوجودك، فكأنك لم تَعِش على الإطلاق ".
[٧ - من هو نابليون؟]
أكان فرنسياً؟ لقد كان فرنسياً بالصدفة وبمرور الوقت، وإلاّ فهو ليس فيه من الفرنسيين شيء لا في تكوينه الجسماني ولا في عقله ولا في شخصيته. إنه قصير وأصبح في وقت لاحق بديناً، وكانت ملامحه أقرب ما تكون إلى الصرامة الرومانية منها إلى الملامح الغاليّة الوضاءة وكان ينقصه ما يتمتع به المثقفون الفرنسيون من مرح وتسامح وروح فكاهة وأناقة. لقد كان ميالاً للسيطرة على العالم أكثر من ميله للاستمتاع به. وكان يعاني من بعض الصعوبات في نطق اللغة الفرنسية فقد ظل حتى سنة ١٨٠٧ يشوب نطقهُ لها لكنة أجنبية وكان يتحدث الإيطالية بطلاقة وكان يبدو في ميلان أكثر التصاقاً بها وألفة