هذا المجلد كامل بنفسه مستقل بذاته، ولكنه هو الجزء الخامس من تاريخ الحضارة الذي كتب على أن يكمل بعضه بعضاً وأن يجمع في قصة واحدة نواحي النشاط البشري جميعها. ولقد بدأت هذه السلسلة في عام ١٩٣٥ وكان أولها ما ورثناه من الشرق - أي تاريخ مصر والشرقين الأدنى والأوسط حتى عام ٣٢٣ ق. م، وتاريخ الهند والصين واليابان حتى عام ١٩٣٠. وكان جزؤها الثاني حياة اليونان (١٩٣٩) وهو يسجل تاريخ اليونان وثقافتهم من اقدم العصور المعروفة، وتاريخ الشرقين الادنى والأوسط من ٣٢٥ ق. م حتى الفتح الروماني في ١٤٦. وواصل الجزء الثالث قيصر والمسيح (١٩٤٤) رواية قصة الجنس الأبيض حتى عام ٣٢٥ م، وكان محورها الذي تدور حوله هو نشأة روما وسقوطها والقرون الأولى من المسيحية. وواصل الجزء الرابع عصر الإيمان (١٩٥٠) رواية هذه القصة حتى عام ١٣٠٠، ويضم بين طياته الحضارة البيزنطية وحضارات الإسلام واليهودية والعالم المسيحي اللاتيني.
ويهدف هذا المجلد إلى رسم صورة شاملة موجزة لجميع مناحي الحياة البشرية في إيطاليا على عهد النهضة- من مولد بترارك في عام ١٣٠٤ إلى موت تيشيان Titian في عام ١٥٧٦. وتشير كلمة النهضة في هذا المجلد إلى إيطاليا دون غيرها من البلاد، ولن تستخدم للدلالة على ما حدث من تقدم ونضوج في فرنسا، وأسبانيا، وانجلترا والاراضي الوطيئة في خلال القرنين السادس عشر إلا ما بعث بعثاً جديداً في تلك البلاد وكانت أصوله أجنبية عنها، وحتى في إيطاليا نفسها تعنى هذه التسمية أكثر ما تعنى بعث الآداب القديمة التي لم يكن لها من الخطر في إيطاليا