للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنري دوق روهان ثبتت للهجوم. وترك القواد غير الأكفاء الحرب تتعثر عاماً ونصف. ومنعت معاهدة الصلح المعقودة في ٩ أكتوبر ١٦٢٢ التجمعات البروتستنتية، ولكنها تركت مونتوبان ولاروشيل في أيدي الهيجونوت وفي خلال هذه الحملات مات لون (١٦٢١)، وارتقى ريشليو إلى مركز القوة.

[٣ - الكردينال والهيجونوت]

كيف يشق إنسان طريقه إلى القمة؟ في تلك الأيام كانت تعينه على ذلك عراقة أصله. وكانت أم أرمان جان دبليس دريشليو ابنة محام في برلمان باريس، أما أبوه فهو السنيور دريشليو، المدبر الأكبر لبيت الملك في عهد هنري الرابع وورثت أسرة بواتو العريقة الحق في أن توصي الملك باختيار من ترشح لأسقفية لوسون. وقد عين هنري أرمان بهذه الطريقة (١٦٠٦) وكان يومها في الحادية والعشرين. وإذ كان أصغر من السن المشترطة للأسقفية بسنتين، فإنه سارع إلى روما، وكذب في أمر سنه، وألقى أمام بولس الخامس خطاباً لاتينياً جميلا حمل البابا على أن يسلم له الأسقفية أما وقد تحقق له «الأمر الواقع»، فقد اعترف ريشليو بكذبته، وطلب المغفرة. وامتثل البابا وهو يقول «إن هذا الفتى سيكون محتالاً كبيراً» (١٧).

وصف الأسقف الشاب أسقفيته بأنها «أفقر وأقذر» الأسقفيات في فرنسا، ولكن كانت الأسرة تملك بعض المال، فما لبث أن امتلك المركبة والآنية الفضية ولم يتخذ وظيفته منصباً شرفياً عاطلاً، بل فرغ لأداء واجباته في اجتهاد ومثابرة، ولكنه وجد الوقت لتملق كل صاحب ذو نفوذ ويسخر كل صاحب قوة. فلما اختار كهنة بواتو مندوباً لمجلس الطبقات (١٦١٤) كان أرمان رجلهم، وأعجب كل من كان بالمجلس، لا سيما ماري مديسي، بوجهه الرزين، وقوامه الفارع الممشوق، وقدرته القانونية