كان خجولاً، كتمة، مكتئباً، لا يستشعر الحب الشديد لحياة لم تحبه. واعتبرته أمه إنساناً ضعيف العقل، فأهملته، وفضلت عليه في صراحة أخاه الأصغر جاستون، واستجاب لذلك بكرهه إياه وعبادة ذكرى أبيه. ثم اكتسب تدريجاً بغض النساء، وبعد أن تأمل على استحياء جمال الآنسة أو تفور منح الشبان حبه. تزوج من آن النمسوية زواجاً سياسياً، فكان يساق إلى فراشها سوقاً. وحين أسقطت جنينها لم يمسها ثلاثة عشر عاماً. ونصحته بطانته بأن يتخذ له محظية، ولكن كان له ميول أخرى. ثم حاول ثانية وهو في السابعة والثلاثين، مذعناً لمطالبة فرنسا كلها بولي للعهد، وأعطت آن الشاكرة العالم لويس الرابع عشر (٠١٦٣٨). وبعد عامين ولدت فليب أورليان الأولى، الذي واصل تقدير أبيه لمفاتن الذكور.
على أن لويس كان له بعض شيم الملوك. من ذلك أنه وهو بعد غلام في السادة عشرة، وقد سئم وقاحة كونشيني واختلاساته المالية، أصدر فجأة أوامره السرية باغتياله (١٦١٧)، وحين احتجت الملكة الأم على هذا الختام لحياة محسوبها نفاها إلى بلوا واختار شارل دالبير وزيراً أول له، وكان هو الذي اقترح عليه هذه الضربة، ورقي الآن دوقاً على لون. وتحت إلحاح الدوق والبابا بولس الخامس، أمر لويس الهيجونوت برد كل الأملاك التي أخذوها من الكنيسة. فلما تجاهل إقليم بيارن المرسوم زحف عليه وفرض عليه الطاعة ووضع بيارن ونافار-مملكة أبيه الشخصية فيما مضى-تحت حكم الملك المباشر. ولم يقاوم الهيجونوت من فورهم، ولكن جمعيتهم العامة المجتمعة في لاروشيل أقوى مدنهم، طالبت برد الأملاك المستعادة لأنها ملك للشعب لا للكنيسة؛ ثم قسمت فرنسا ثماني «دوائر» وعينت لكل منها مديراً عاماً ومجلساً لجمع الضرائب والجند. وأعلن لويس أن فرنسا لا يمكن أن تسمح بدولة داخل الدولة. وفي أبريل ١٦٢١ قاد جيشاً، وزحف قواده الآخرون بثلاثة جيوش، وجهت كلها ضد القلاع البروتستنتية، فسقط عدد منها، ولكن مونتوبان التي دافع عنها