كان الذي خلف "تشاندرا جوبتا" في الحكم هو "بندوسارا" وهو رجل ذو نزعات عقلية لا تخفى؛ فيقال إنه طلب إلى "أنتيخوس" ملك سوريا أن يبعث إليه بفيلسوف إغريقي، وكتب إليه قائلاً إنه على استعداد أن يدفع ثمناً عالياً لفيلسوف إغريقي من الطراز الصحيح (٣٠) ولكن "أنتيخوس" لم يستطيع إلى إجابة الطلب سبيلاً، لأنه لم يجد فيلسوفاً يونانياً معروضاً للبيع؛ ثم شاءت المصادفة أن تعوض "بندوسارا" خيراً، فجعلت له من ابنه فيلسوفاً.
وتولى "أشوكا فارذانا" العرش سنة ٢٧٣ ق. م فوجد أنه يشمل بسلطانه إمبراطورية أوسع رقعة من أي قطر حكمه في الهند حاكم من قبله: فهو يشمل أفغانستان وبلوخستان، وكل الهند الحديثة إلا طرفها الجنوبي- وهي ما يسمى "بأرض تامِلْ"؛ ولبث حيناً من الدهر يحكم على غرار جده "تشاندرا جوبتا"، أي لبث يحكم بلاده في قسوة، لكنه يحكمها حكماً جيداً؛ فيحدثنا "يوان تشوانج" الرحالة الصيني الذي أنفق أعواماً طوالاً في الهند إبان القرن السابع الميلادي، بأن السجن الذي كان قائماً في عهد "أشوكا" شمالي العاصمة، لم يزل يذكره الناس في الهند جيلاً عن جيل باسم "جحيم أشوكا"؛ إذ أنبأه المنبئون أن كل أنواع العذاب والتعذيب التي تشتمل عليها الجحيم الحقيقية، قد استعملت فعلاً في ذلك السجن عقاباً للمجرمين، بل إن الملك قد أضاف إلى تلك الأنواع التقليدية من عذاب الجحيم، مرسوماً بأن كل من يدخل ذلك الجب المخيف، لا يجوز له قط أن يخرج منه حياً؛ ولكن حدث ذات يوم أن ألقي في ذلك