للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثاني

[إباميننداس]

وكأنما أرادت إسبارطة أن تقوي هذا الحقد في صدور الدول اليونانية الأخرى، فادعت لنفسها حق تفسير شروط "صلح الملك" وإرغام هذه الدول على الخضوع لها. وأرادت أن تضعف قوة طيبة فأصرت على أن الحلف البؤوتي لا يتفق مع الشرط القاضي باستقلال الدول اليونانية الكبرى وحتمت حله. وتذرعت إسبارطة بهذه الحجة فأقامت في كثير من المدن البؤوتية حكومات ألجركية موالية لها، تؤيدها في كثير من الحالات حاميات إسبارطية، ولما احتجت طيبة على هذا العمل استولت قوة لسديمونية على كدميا Cadmeia معقلها الحصين، وأقامت فيها حكومة ألجركية خاضعة لسيطرة إسبارطة. وأثارت هذه الأزمة في نفس طيبة بطولة لا عهد لها بها، فاغتال بلبداس Plopidas وستة من رفاقه طغاة طيبة الأربعة صنائع إسبارطة، وأعادوا إلى المدينة حريتها واستقلالها. وأعيد تنظيم الحلف واختير بلبداس زعيماً له. واستدعى بلبداس لمعونته صديقه وحبيبه إباميننداس، فدرب الجيش الذي أعاد إسبارطة إلى عزلتها القديمة، وقاده بنفسه في المعارك التي انتهت بهذه النتيجة.

وكان إباميننداس من أسرة عريقة أخنى عليها الدهر، تفخر بأن ترجع بأصولها إلى أنياب الهولة التي زرعها كدمس قبل مولده بألف عام. وكان رجلاً هادئاً قيل عنه إنه ليس بين الناس من هو أقل منه كلاماً أو أكثر منه معرفة (٧)؛ وقد حببه إلى أهل طيبة، على الرغم من النظام العسكري الذي أخذهم به، تواضعه واستقامته، وحياته التي لا تكاد تفترق في شيء عن حياة الزهاد، وإخلاصه لأصدقائه، وسداد رأيه إذا استنصح، وشجاعته