المصحوبة بالتؤدة وضبط النفس وقت العمل. ولم يكن يحب الحرب ولكنه كان يعتقد أنه لا توجد أمة على ظهر الأرض تستطيع الاحتفاظ بحريتها إذا فقدت روحها وعاداتها الحربية. ولما اختير المرة بعد المرة رئيساً للحلف البؤوتي حذر الذين أرادوا أن يعطوه أصواتهم بقوله:"فكروا في الأمر مرة أخرى لأنني إذا وليتموني قيادتكم سأضطركم إلى الخدمة في جيشي"(٨). ودرب الطيبيون المتراخون تحت قيادته حتى صاروا جنوداً بواسل، وحتى العشاق اليونان الذين كثر عددهم في المدينة ألّف منهم بلبداس "عصبة مقدسة" تبلغ عدتها ثلاثمائة من المحاربين قطع كل منهم على نفسه عهداً بأن يقف في المعركة إلى جانب صديقه حتى يموت.
ولما غزا بؤوتية جيش إسبارطي عدته عشرة آلاف جندي يقوده الملك كليمبروتس، التقى به إباميننداس عند لكترا بالقرب من بلاتية ومعه ستة آلاف رجل وانتصر عليه نصراً كان له أعظم الأثر في تاريخ اليونان كله وفي أساليب أوربا العسكرية. وكان هو أول يوناني وجه عنايته إلى دراسة الحركات العسكرية، وكان يقدر على الدوام أنه سيواجه في كل معركة عدواً يفوقه في عدد الرجال، فكان يركز نخبة مقاتليه ليهاجم به أحد جناحي العدو، ثم يأمر بقية الجيش أن تلتزم خطة الدفاع؛ فإذا تقدم العدو في القلب أمكن تشتيت شمله بهجوم على جناحه الأيسر. ولما تم له النصر في واقعة لكترا زحف هو وبلبداس إلى البلوبونيز وحررا مسينيا من تبعيتها لإسبارطة التي دامت قرناً من الزمن، وأسسا مدينة مغالوبوليس لتكون معقلاً لجميع الأركاديين. ونزل الجيش الطيبي إلى ليكونيا نفسها؛ وتلك حادثة لم يكن لها مثيل منذ مئات من السنين. ولم تستفق إسبارطة قط مما لحق بها من الخسارة في هذه الحرب:"فلم تستطع" على حد قول أرسطاطاليس "أن تفيق من هزيمة واحدة، وقضى عليها قلة عدد مواطنيها"(٩).
ولما أقبل فصل الشتاء انسحب الطيبيون إلى بؤوتية. واغتر إباميننداس