(١٧٩٣) وخففت كاترين من فقره وعينته سفيراً لها في همبورج (١٧٩٦) فلما ماتت ولية نعمته الإمبراطورة ذهب مع أملي بلزونس، حفيدة حبيبته مدام دبينيه. وعمر حتى ١٨٠٧، وعاش هذه الحقبة أولاً على ذكريات تلك الأيام المثيرة التي كان فيها فكر فرنسا يقود أوربا إلى حافة شاهقة هي حافة الحرية.
[٤ - خاتم الفلاسفة الفرنسيين]
ولد جان-أنطوان-نيقولا كاريتا، مركيز كوندورسيه، حفيد أسرة عريقة في دوفينيه، في بيكاردي (١٧٤٣)، وتلقى تعليمه على اليسوعيين في رامس وباريس، وظل سنين طويلة لا يفكر إلا في أن يكون رياضياً كبيراً. وحين بلغ السادسة والعشرين أنتخب عضواً في أكاديمية العلوم. وحين أصبح فيما بعد سكرتيراً دائماً لها، كتب التأبينات للأعضاء الراحلين، كما فعل فونتنينيل للأكاديمية الفرنسية، وقد أحب فولتير هذه التأبينات التذكارية كثيراً حتى أنه قال لكوندورسيه:"إن الجمهور يتمنى أن يموت أكاديمي كل أسبوع أو نحوه حتى تتاح لك فرصة الكتابة عنه"(١٠٣). وقد زار فولتير في فرنيه (١٧٧٠)، وعلق على طبعة تنظم أعمال فولتير نشرها بومارشيه، وكتب لها مقدمة حارة بعنوان "حياة فولتير" وأقنعه دالامبير بأن يكتب مقالات للموسوعة، وقدمه لجولي دلسبيناس، التي أصبح في حفلات استقبالها قطباً من الأقطاب رغم خجله. لا بل أنه كان في نظر جولي لا يفضله غير دالامبير من حيث سعة عقله، وربما كان يفوقه في حرارة حبه للخير. وكان أحد الرعيل الأول ممن انضموا للحملة التي شنت على تجارة الرقيق (١٧٨١). وقد أعانت جولي على تحريره من ربقة عشقه اليائس للآنسة دوسي، وهي فتاة لعوب استغلت حبه لها دون أن تبادله أياه. وقد عزى نفسه بصداقة جان-باتست سيوار ومدام سيوار، وعاش معهم في شركة ثلاثية قانعة.
وفي ١٧٨٥ أصدر "مقالاً في تطبيق التحليل على الاحتمالات" وفيه سبق نظرية مالثوس إذ قال إن نمو السكان ينحو إلى تجاوز إنتاج الطعام، ولكنه لم يدع إلى العفة الجنسية علاجاً، بل أقترح تحديد النسل (١٠٤).