للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رحب بالثورة فاتحة لمستقبل التعليم الجامعي، والعدالة، والرخاء. وفي ١٧٩٠ اختير للمجلس البلدي الذي كان قد تسلم إدارة باريس. ثم أنتخب عضواً في الجمعية التشريعية التي حكمت فرنسا من أول أكتوبر ١٧٩١ إلى ٢٠ سبتمبر ١٧٩٢، ووضع بوصفه رئيساً للجنة التعليم العام تقريراً يدعو إلى نظام قومي للتعليم الابتدائي والثانوي، العام، المجاني، الشامل للجنسين على السواء، والبعيد عن النفوذ الكنسي، ويخطط التقرير لهذا التعليم تخطيطاً عاماً (١٠٥)، وقد وضع مبدأ "دولة الرفاهية" قال: "يجب أن يكون هدف جميع المؤسسات الاجتماعية تحسين الأحوال البدنية والفكرية والأخلاقية لأكثر طبقات السكان عدداً وأشدها فقراً" (١٠٦). وقدم التقرير إلى الجمعية في ٢١ أبريل ١٧٩٢، ثم عطلت حروب الثورة اتخاذ إجراءات تنفيذه، ولكن وطد نابليون سلطته جعل تقرير كوندورسيه الأساس الذي أرسى فوقه تنظيمه للتعليم من جديد في فرسنا تنظيماً بدأ به عهداً حاسماً.

ولم يتح لكوندورسيه مثل هذه المكانة المرموقة في المؤتمر القومي الذي حل محل الجمعية التشريعية، لأن الجيرونديين المحافظين تشككوا فيه بوصفه جمهورياً، وارتاب اليعاقبة المتطرفون في نواياه بوصفه أرستقراطياً يحاول أن يخضع الثورة لسيطرة الطبقة الوسطى (١٠٧). وقد صوت في صف الذين أدانوا لويس السادس مذنباً بالخيانة، ولكنه صوت ضد إعدامه. فلما عين مع ثمانية آخرين أعضاء في لجنة وكل إليها صياغة دستور جديد، قدم مشروعاً رفض بدعوى إسرافه في محاباة البورجوازية-فلما تبنى المؤتمر الذي سيطر عليه اليعاقبة دستوراً أكثر تطرفاً، كتب كوندورسيه نشرة غفلاً من التوقيع ينصح فيها المواطنين أن يرفضوه. وفي ٨ يوليو ١٧٩٣ أمر المؤتمر بالقبض عليه.

وظل تسعة أشهر مختبئاً في منزل لأرملة المصور كلود-جوزف فرنيه. ولكي يصرف ذهنه عن خوف القبض عليه ألف كتيباً يصلح تلخيصاً لحركة التنوير، و "كتاباً أزرق" (أي مخططاً) للمجتمع المثالي القادم. وعنوان المخطوط "نشرة تمهيدية لجدول تاريخي بمراحل تقدم العقل البشري" (١٠٨).