والآن فلندخل تلك المساكن، والهياكل، ودور التمثيل، والحمامات لنرى كيف كان يعيش الرومان، وسنراهم حين ندخلها ممتعين أكثر من فنونهم. وعلينا أن نذكر من بادئ الأمر أن أولئك القوم قد صاروا قبل عهد نيرون رومان من الوجهة الجغرافية فحسب، ذلك أن الظروف التي عجز أغسطس عن التغلب عليها، وهي ما سرى بين الأسر القديمة من عادات الامتناع عن الزواج، وعن التناسل، ومن قتل الأطفال، وتحرير الأرقاء، وما كانت تتصف به الأسر الجديدة من خصوبة نسبية، كل هذا قد غير أحوال الشعب الروماني من الناحية العنصرية، والأخلاقية، والجسمية.
لقد كان الرومان في العهد القديم تدفعهم الغريزة الجنسية إلى كثرة النسل، كما كانت تدفعهم إليها رغبتهم في أن يكون لهم من بعدهم من يعني بقبورهم؛ أما في الوقت الذي نتحدث عنه، فقد عرفت طبقاتهم العليا والوسطى كيف تفصل الغريزة الجنسية عن الأبوة، فتشبع الأولى دون أن يؤدي ذلك الإشباع إلى الثانية، كما أصبحت هذه الطبقات ترتاب في عقيدة الدار الآخرة.