أبلغ ديدرو أن مشاغله الأخرى قد تجعل من المتعذر عليه أن يسهم في الموسوعة فضلاً عن أن تأزم الأمور بين المحرري والحكومة والكنيسة "قد يضطر الإنسان إلى الكذب، وأنا لنلقيى الاضطهاد والتعذيب إذا لم نمضِ في الكذب"(٢٦) إن الضجة التي أحدثها كتاب هلفشيوس "الذكاء"(في يوليه) أزعجت الثائر العجوز، فكتب رداً على ذلك الكتاب. وفي ١٦ نوفمبر أبلغ ديدرو أنه ابتاع داراً في فرني واعتزم أن يقيم هناك ويحيا حياة ريفية هادئة.
فهل كان يخدع نفسه، أو أنه كان يدبر استئناف القتال بوسائل أخرى؟
[٣ - لاهوت الزلازل]
بينما كانت الموسوعة تكبو وتفيق وتختفي وتنبعث من جديد ارتعدت فرائص الفلسفة الوربية نتيجة لولوال لشبونة ففي الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من صباح أول نوفمبر ١٧٥٥يوم عيد كل القديسين-هزت الآض كتفيها في البرتغال وشمال أفريقية. وفي ست دقائق تهدمت ثلاثون كنيسة وألف منزل، ومات خمسة عشر ألف رجل، وأصيب مثلهم باصابات خطيرة، في واحدة من أجمل العواص في العالم. ولم يكن ثمة شيء جديد لم يسبق له ثيل في هذه المذبحة الرهيبة التي حدث فيها الموت بالجملة. ولكن كانت هناك بعض ملابسات وظروف محيطة حيرت رجال اللاهوت، وأقلقت بالهم. لماذا اختار هذا اللغز المحير مثل هذه المدينة الكاثوليكية، ومثل هذا الاحتفال المقدس، في مثل هذه الساعة التي اجتمع فيها كل المواطنين الاتقياء تقريباً لحضور القداس؟ ولماذا أبقى وسط هذا الدمار الشامل على دارسيا ستيو دي كارفالو ميللو مركيز بومبال فيما بعد-الوزير الآمر الناهي الذي كان ألد أعداء اليسوعيين في أوربا بأسرها؟
وأوضح مالاجريدا أحد اليسوعيين البرتغاليين أن الزلزال وما أعقبه من أمواج عاتية مدمرة كانا عقاباً من الله على الرذيلة التي استشرت في