لم يستطع مارتن الخامس أن يعود إلى روما بعد انتخابه مباشرة وإن كان هو من أهل روما. ذلك أن الطرق الموصلة إليها كانت في قبضة براتشيو دا منتونى Braccio da Montone الأفاق المغامر، ولهذا رأى مارتن أن بقاءه في جنيف، ثم في مانتوا، وفلورنس آمن له وأسلم. ولما وصل أخيراً إلى روما (١٤٢٠) روعته حال المدينة، وما حاق بمبانيها من خراب وبأهلها من بؤس وشقاء، فقد كانت عاصمة العالم المسيحي أقل بلاد أوربا حضارة.
وإذا كان مارتن قد جرى على السنة السيئة التي جرى عليها أسلافه فعين في المناصب ذات المرتب الضخم والسلطان الكبير أقاربه من آل كولنا، فما كان ذلك إلا ليقوى أسرته ليضمن لنفسه السلامة في قصر الفاتيكان. ولم يكن لديه جيش، ولكن الولايات البابوية التي كانت تحيط بها من كل جانب جيوش نابلي، وفلورنس والبندقية، وميلان. وكانت هذه الولايات قد وقع معظمها مرة أخرى في أيدي طائفة من الطغاة الصغار، يسمون أنفسهم نواب البابا ولكنهم كادوا في أثناء الانشقاق البابوي يكونون سادة مستقلين في ولاياتهم. وقد ظل رجال الدين في لمباردي قروناً طوالا يناصبون أساقفة روما العداء. وكان فيما وراء جبال الألب عالم مسيحي مضطرب أضاعت البابوية فيه معظم ما كان لها من احترام، وكان يأبى أن يمدها بشيء من العون المالي.
وواجه مارتن هذه الصعاب كلها وتغلب عليها بشجاعته وقوة عزيمته؛