نفسه أو تزيف مناهجها بالآداب والدراسات اللغوية الجميلة التي يزدان بها، بوصفها حلياً وجواهر كريمة، نطاق العلم بأكمله، وليس في خطة هذه الأكاديمية أن تفسح المجال للخطب والمجادلات ويجدر بها أن تغضي في هدوء وصمت عن كل الخلافات السياسية. وعن أي لون من المهاترات الكلامية (٣٩).
وحلت هذه الجامعة ١٦٣٠، ولكن في ١٦٥٧ واصلت السير على نهجها أكاديمية دل شيمنتو (التجربة والبرهان). وسرعان ما تأسست جمعيات مماثلة في إنجلترا وفرنسا وألمانيا. حتى يتسنى للروح العلمية الملهمة في العلوم أن تضع الأسس الفكرية والتكنولوجية للعالم الحديث.
[٣ - أدوات العلم ومناهجه]
كان لزاماً، منذ البداية، أن تكون هناك آلات علمية. فما تستطيع العين المجردة أن تبصر بوضوح كافٍ، على مسافة بعيدة، أو أشياء بالغة الدقة. إلى الحد المطلوب، وما يستطيع الجسم أن يمس بدقة تامة ضغط الأشياء أو حرارتها أو وزنها. وما يستطيع العقل أن يقيس المسافة والزمن والكمية والنوعية والكثافة دون أن يخلط بين توازنه الشخصي وبين الحقائق، ومن ثم كانت الحاجة ماسة إلى المجهر (الميكروسكوب)، والمقراب (التلسكوب)، وبميزان الحرارة (الترمومتر) ومقياس الضغط (البارومتر). ومقياس الثقل النوعي للسوائل (الهيدرومتر) وإلى ساعات أدق وإلى موازين أكثر حساسية.
كتب جامباتستا دللابورتا في "سحر الطبيعة"(١٥٨٩) بالعدسة المقعرة تبدو الأشياء أصغر ولكن أوضح، وبالعدسة المحدبة تراها أكبر ولكن أقل وضوحاً في معالمها، فإذا عرفت على أية حال كيف تجمع بين النوعين على نحو سليم، لأمكنك أن ترى الأشياء على البعد والقرب كبيرة واضحة معاً (٤٠)