للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[آداب البندقية]

[١ - ألدوس مانوتيوس]

كانت البندقية في ذلك الوقت تشغلها مهام الحياة وانهماكها فيها عن العناية بالكتب، ولكن علماءها، ودور كتبها، وشعراءها، وطابعيها، قد اشتركوا في إذاعة حسن الأحدوثة عنها. نعم إنها لم تسهم بنصيب بارز في حركة الآداب الإنسانية، بيد أن هذه النزعة كان لها في البندقية من يمثلها أنبل تمثيل - ونعني به إرمولاء وبربارو Ermolao Brabaro الذ توجه أحد الأباطرة شاعراً وهو في الرابعة عشرة من عمره، وعلم اللغة اليونانية، وترجم أرسطو، وخدم بني وطنه طبيباً، وخدم بلاده دبلوماسياً، وكنيسته كردينالاً، ومات بالطاعون وهو في سن التاسعة والثلاثين. ولم تكن نساء البندقية حتى ذلك الوقت يعنين بالتعليم إلا فيما ندر، فقد كن يقنعن بأن يكن مغريات في الجسم، أو مخصبات في النسل، أو موقرات آخر الأمر، ولكن إيرينه الاسمبلمبيرجيه Irine of Spilimbergo افتتحت في عام ١٥٣٠ ندوة لرجال الأدب، ودرست التصوير على تيشيان، وكانت تغني بصوت رخيم، وتجيد العزف على الكمان الكبير، وعلى معزف تلك الأيام الشبيه بالبيان، وعلى العود، وتتحدث حديث العلماء في الأدب القديم والحديث. وكانت البندقية تبسط حمايتها على اللاجئين العقليين الفارين من الأتراك في الشرق ومن المسيحيين في الغرب، ففيها كان أرتينو يستهزئ وهو آمن بالبابوات والملوك، كما أشاد بيرون Byron في هذا المكان نفسه باضمحلالهم بعد عدة قرون. لقد كان الأشراف والأحبار يقيمون الأندية والمجامع العلمية