وراح نابليون يسير على دَرْب الأباطرة برضا حتى قبل الاستفتاء، إذ كان قد بدأ منذ مايو سنة ١٨٠٤ يوقَّع خطاباته ووثائقه باسمه الأول فقط، وسرعان ما أصبح يكتب الحرف الأول من اسمه ببساطة هكذا (ن N) فيما عدا الوثائق الرسمية ومنذ ظهر هذا الحرف الفخور (ن N) على النُّصب التذكارية والمباني والعربات، لم يعد نابليون يتحدث عن الفرنسيين كمواطنين Citizens وإنما راح يتحدث عنهم ولهم بقوله رعاياي. وراح يتوقع من أفراد حاشيته مزيداً من الإذعان والاحترام، ومن وزرائه مزيداً من التبعية وسلاسة القِياد، وعلى أية حال فقد حَذَا حَذْو أساليب تاليران Talleyrand الارستقراطية بصمت صارم وقَبِل بشيء من الاستمتاع سخرية فوشيه غير الوقورة. وتقديراً منه لما قدّمه فوشيه Fouche من مساعدة في تعقّب المتآمرين، أعاده لمنصبه كوزير للداخلية في ١١ يوليو سنة ١٨٠٤ وعندما فكَّر نابليون في قمع حرية فوشيه في التفكير المستقل والكلام بتذكيره أنه صوَّت بالموافقة على قتل لويس السادس عشر Louis XVI، أجاب فوشيه:"هذا صحيح تماما. لقد كانت هذه أول خدمة أؤديها لجلالتكم ".
بقي شيء واحد ينقص هذه الجلالة: إنها لم تحظ بالاعتراف ولا الإقرار الديني من أعلى ممثل لعقيدة الأمة الدينية، على النحو الذي حظيت به التيجان الأخرى. لقد كان هناك شيء لازال باقيا - على أية حال - من نظرية الحق الإلهي الوسيطة للملوك: فبالنسبة لشعب تسود فيه العقيدة الكاثوليكية، فإن قيام البابا بتكريس الحاكم ومسحه بالزيت يعني أن هذا الحاكم قد أصبح - بالفعل - مختاراً من الرَّب لأن البابا بدوره يزعم