للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

[مملكة أورشليم اللاتينية]

١٠٩٩ - ١١٤٣

اختير جدفري البويوني الذي اعترف له آخر الأمر بالصلاح، والتقي المنقطعي النظير حاكماً على دمشق على أن يلقب بهذا اللقب المتواضع وهو "حامي الضريح المقدس" ولم يدع الحاكم الجديد أنه خاضع لألكسيوس لأن الحكم البيزنطي لهذه المدينة كان قد انقضى منذ ٣٦٥ عاماً، ولهذا أصبحت مملكة أورشليم اللاتينية من يوم إنشائها دولة مستقلة كاملة السيادة. وحرم فيها المذهب الأورثوذكسي الشرقي، وفر البطريق اليوناني إلى قبرص، وقبلت أبرشيات المملكة الجديدة الشعائر اللاتينية، والمطران الإيطالي والحكم البابوي.

وبعد فإن ثمن السيادة هو القدرة على الدفاع عنها. وهذا هو الثمن الذي كاهن على المحررين أن يؤيده؛ فقد وصل إلى عسقلان بعد أسبوعين من هذا التحرير جيش مصري يهدف إلى استعادة المدينة المقدسة في أديان كثيرة وهزم جدفري هذا الجيش القادم، ولكنه مات بعد سنة واحدة من تلك المعركة (١١٠٠) وخلفه أخوه بولدوين وهو أقل منه كفاية (١١٠٠ - ١١١٨)، واتخذ لنفسه لقباً أسمى من لقبه وهو لقب ملك. وشملت المملكة الجديدة في عهد الملك فلك Fulk كونت أنجو (١١٣١ - ١١٤٣) الجزء الأكبر من فلسطين وسوريا، ولكن المسلمين ظلوا مالكين حلب، ودمشق، وحمص. وقسمت المملكة أربع إمارات إقطاعية، تتركز على التوالي حول أورشليم، وإنطاكية والرها، وطرابلس؛ ثم جزئت كل إمارة إلى إقطاعيات تكاد كل منها تكون مستقلة عن الأخرى، وكان سادتها المتحاسدون يشنون الحروب بعضهم على