ويجمع ألوان المعرفة وينشرها. حراً في أن يقيم ديناً جديداً حول مذبح العقل لخدمة البشر، وكان ثملاً كريماً شريفاً.
[٢ - خليفة الثورة]
ولكن كيف حدث كل هذا؟ ولماذا أنقلب كل هؤلاء الفلاسفة وبخاصة في فرنسا على المسيحية التي كانت فوق كل شئ قد مزجت الأمل بأهوالها ورعبها، والصدقات بجرائمها، والجمال بآثامها وخطاياها؟
إن الثورة التي قام بها الربوبيون في إنجلترا استطاعت أن تعبر عن نفسها مع تسامح نسبي حتى من جانب الكنيسة الرسمية، وربما كان هذا هو السبب في خمود لهيبها وفضلاً عن ذلك كانت الكنيسة الإنجليزية خاضعة للدولة فلم تعد تزعم زعماً فعالاً أنها -أي الكنيسة- سلطة منافسة مستقلة. أما الكنيسة في فرنسا فكانت هيئة قوية تملك نصيباً كبيراً من الثروة الوطنية وأرض الوطن، وهي مع ذلك مرتبطة بولاء أسمى مكانة بسلطة أجنبية. ويبدو أنها كانت تستنزف مزيداً من الثروة من أيدي العلمانيين إلى أيدي رجال الكنيسة عن طريق الوصية والتوريث، كما رفضت أن تدفع أية ضرائب أكثر من "المنح أو الهبات الاختيارية" واحتفظت بآلاف الفلاحين في أراضيها في استرقاق فعلي، واحتفظت بالرهبان فيما بدا أنه خمول عقيم. وكم أفادت الكنيسة من الوثائق الزائفة والمعجزات الكاذبة. وسيطرت على كل المدارس والجامعات تقريباً، وعن طريقها أشربت أذهان الشباب بالسخافات المخدرة المنافية للعقل، وأستنكرت، على أنه هرطقة، كل تعليم يتعارض مع تعليمها واستغلت الدولة في فرض رقابتها على حركة الكلام والصحافة، وبذلت الكنيسة غاية الجهد في خنق التنمية الفكرية في فرنسا. وحرضت لويس الرابع عشر على اضطهاد الهيجونوت غير الإنساني. والتخريب الخالي من الرحمة لبورت رويال، وارتكبت الكنيسة إثماً في الحملات الوحشية التي شنتها ضد الألبيجنسيين وإقرار المذابح الوحشية مثل مذبحة سانت برثلميو، وأشعلت نار الحروب الدينية التي دمرت فرنسا تقريباً. وفي وسط كل هذه الجرائم ضد الروح الإنسانية ادعت الكنيسة، وحملت