للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن

[آلهة اليونان]

الفصل الأوّل

[أصل الشرك]

إذا بحثنا عن العناصر الموحّدة في حضارة هذه المدائن المتفرقة وجدنا منها خمسة عناصر جوهرية: لغة مشتركة ذات لهجات محلية؛ وحياة ذهنية مشتركة لا يعرف من رجالها في الأدب والفلسفة والعلوم خارج حدود بلادهم السياسية إلا كبارهم، وشغف مشترك بالألعاب الرياضية ينفسون به في المباريات التي تقام بين الأفراد في المدن نفسها أو بين الدول بعضها وبعض، وحب للجمال تعبر عنه المدن بأشكال من الفن عامة بين الجماعات اليونانية كلها، وطقوس وعقائد دينية موحدة بعض التوحيد.

وكان الدين عاملاً في التفرقة بين اليونان بقدر ما كان في وحدتهم. فقد كان من وراء عبادة آلهة الأولمبس العامة البعيدة، وهي العبادة التي كان فيها قسط كبير من الأدب والمجاملة، عبادة أقوى منها للآلهة وللقوى التي تدين بالطاعة لزيوس. وكانت النزعة الانفصالية القبلية والسياسية تغذي الشرك وتجعل التوحيد مستحيلاً. فقد كان لكل أسرة في أيام اليونان القديمة إلههاً الخاص، توقد له في البيت النار التي لا تنطفئ أبداً، وتقرب له القربان من الطعام والخمر قبل كل وجبة. وكان هذا الاقتسام المقدس للطعام بين الآدميين والآلهة أول الأعمال الدينية الأساسية التي تعمل في البيت. وكان المولد والزواج والموت تُخلع عليها هالة