شاكراً أعمق الشكر حين سمح رهبان سان-دني بإيداع جثمانها في المدافن الملكية في كنيسة ديرهم. أما الأم فقد اغتبطت بموت ابنتها، وأما الأب فقد دفن نفسه في فراغ السلطة.
[٥ - المجتمع في عهد الوصاية]
كان ازدياد الثروة في فرنسا في الفترة بين صدور مرسوم نانت (١٥٩٨) وإلغائه (١٦٨٥)، وانتشار حياة الحضر، واضمحلال العقيدة الدينية عقب الحروب الدينية والخلافات الجانسنية-كان هذا كله قد جر على طبقة الأشراف تحللاً في الأخلاق رمز له لويس الرابع عشر في شباب حكمه. وكان زواج الملك من مدام دمانتينون (١٦٨٥)، واهتداؤه إلى القناعة بامرأة واحدة وإلى حياة الفضيلة، وما أحدثته الكوارث الحربية من تأثير منبه، كان أولئك أكره بلاطه على أن يغير على الأقل من سلوكه الخارجي، وكانت إصلاحات الأكليروس الذاتية قد أوقفت ضعف الكنيسة جيلاً، وفرض أحرار الفكر الرقابة على مؤلفاتهم، وستر الأبيقوريون لهوهم الصاخب عن أنظار الناس. ولكن حين جاء بعد الملك الصارم التائب هذا الوصي الشاك الإباحي المتسامح، تداعت هذه الضوابط، وتفجر غيظ الغرائز المكبوتة في موجة من الزندقة والاستغراق في اللذات شبيهة بالفورة الشهوانية التي أصابت المجتمع الإنجليزي عند عودة الملكية عقب جيل من تسلط البيورتان (١٦٤٢ - ٦٠). وأصبح التحلل من الأخلاق شارة التحرر ورقي الثقافة، وغدا الفجور نوعاً من "الاتيكيت (٥٤) ".
كانت المسيحية آخذة في الاضمحلال قبل أن تهاجمها "الموسوعة" بزمن طويل، لا بل قبل أن يصوب إليها فولتير أول سهام قلمه. ففي ١٧١٧ شكا دبوي من كثرة الماديين في باريس (٥٥)، وقال ماسيون في ١٧١٨ "يكاد الكفر اليوم يضفي على أصحابه مظهر التميز والفخار، أنه فضيلة توصل إلى العظماء … وتجلب للمغمورين شرف الألفة بأمير الشعب (٥٦) " وقد كتبت أم ذلك الأمير قبيل موتها في ١٧٢٢ تقول "لست أعتقد أن في باريس، سواء بين رجال الدين أو الدنيا، مائة شخص يدينون بإيمان مسيحي صادق ويؤمنون حقيقة بمخلصنا، وهذا يجعلني أرتعد فرقاً (٥٧) " وقل من أفراد الجيل الأصغر من فكر