للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[الأقوام الساميون]

قدم العرب - الفينيقيون - تجارتهم العالمية - طوافهم حول

إفريقية - مستعمراتهم - صور وصيدا - آلهتهم - نشر

الحروف الهجائية - سوريا - عشتورت - موت أدنيس

وبعثه - التضحية بالأطفال

إذا حاولنا أن نقلل من اضطراب اللغات وتباينها في الشرق الأدنى بقولنا إن معظم الشعوب التي كانت تسكن في الأجزاء الشمالية من هذا الإقليم شعوب هندوربية وأن التي تقطن الأجزاء الوسطى والجنوبية منه والممتدة من أشور إلى جزيرة العرب شعوب سامية (١)، إذا حاولنا هذا فإن من واجبنا في الوقت نفسه أن نذكر أن الحقائق ليست واضحة المعالم إلى هذا الحد، وأن الفوارق بين الأجناس ليست بهذه الصورة التي نرسمها للتفرقة بينها تيسيراً للبحث. لسنا ننكر أن بلاد الشرق الأدنى تقسمها الجبال والصحاري إلى بيئات مختلفة منعزلة بعضها عن بعض بطبيعتها، وأنها لذلك تختلف في لغاتها وتقاليدها. ولكن التجارة قد عملت على مزج لغات هؤلاء الأقوام وعاداتهم وفنونهم في طرقها الرئيسية (كالطريق الممتد على شواطئ النهرين الكبيرين من نينوى وقرقميش إلى الخليج الفارسي). هذا إلى أن هجرة الشعوب ونقل جماعات كبيرة منها قسراً لأغراض استعمارية قد مزجا الأجناس واللغات المختلفة مزجاً كان من آثاره أن صحب اختلافها في الدم بعض التجانس في الثقافة. ومن ثم فإننا إذا سمينا بعض الشعوب هندوربية فإنما نقصد بهذه التسمية أن هذه هي الصفة الغالبة عليها؛ وإذا قلنا أن شعباً ما "سامياً" فإن


(١) لفظة سامية مشتقة من سام الذي يقال أنه أبو الشعوب السامية كلها.