وتعلق بها تعلقاً شديداً، كأي فتى يتعلق بامرأة الثلاثين كان يلثم سراً الفراش الذي تنام عليه، والكرسي الذي تجلس عليه "بل الأرض ذاتها حين يخطر إلى أنها مشت عليها (٢٨) ".
(هنا يخيل ألينا أن المبالغة طغت على التاريخ)
وكان شيد الغيرة من كل من ينافسونه على الاستئثار بوقتها. وتركته يخرخر كالهر السعيد، وكانت تدعوه تارة بالقط الصغير، وتارة بالطفل، وشيئاً فشيئاً أرتضى أن يدعوها "ماما" واستخدمته في كتابة رسائلها وإمساك حساباتها، وجمع الأعشاب لها، ومعاونتها في تجاربها الكيميائية. وأعطته كتباً ليقرأ-الاسبكتاتور، ويوفندرف، وسانت افرمون، وملحمة فولتير الهنرياده. وكانت هي نفسها تحب أن تتصفح "قاموس بويل التاريخي النقدي" وكانت لا تسمح للاهوتها بأن يضايقها، ولعل استمتاعها بصحبة الأب جرو، ناظر مدرسة اللاهوت المحلية، مرجعه أنه كان يساعدها على إحكام عقد مشدها "وبينما كان مشغولاً بهذا كانت تجري في أرجاء الغرفة، هنا أو هنا كما تدعو الدواعي. وكان الأب، ناظر المدرسة، يتبعها متذمراً تجره الأربطة من خلفها، وهو لا يفتأ يردد "أرجوكِ أن تقفي ساكنة يا سيدتي". وكان هذا كله مشهداً مسلياً حقاً (٢٩) ".
وربما كان هذا القسيس المرح هو الذي أشار بأن جان-جاك قد يستوعب من التعليم قدراً يؤهله لأن يكون قسيس قرية، ذلك على الرغم من كل أمارات الغباوة البادية عليه. ووافقت مدام دفاران وهي مغتبطة بالعثور له على مهنة يرتزق منها. وعليه ففي خريف ١٧٢٩ دخل