تسلم قيصر في عام ٥٨ ق. م مهام منصبه، منصب حاكم بلاد غالة الجنوبية والنربونية، أي شمالي إيطاليا وجنوبي فرنسا. وكان أريوفستس قد سار في عام ٧١ ق. م على رأس خمسة ألفاً من الجرمان إلى بلاد الغالة حين استعانته إحدى قبائلها على قبيلة أخرى. وقدم لها قائد الألماني المعونة التي طلبتها ولكنه لم يغادر البلاد، بل بقي فيها ليبسط حكمه على جميع القبائل الضاربة في شمالي غالة الشرقي. واستنجدت قبيلة الإيدوي Aedui إحدى هذه القبائل برومه لتعينها على الألمان (٦١). وخولّ مجلس الشيوخ الحاكم الروماني على بلاد غالة النربونية حق إجابة هذا الطلب، ولكنه في الوقت نفسه تقريباً ضم أريوفستس إلى طائفة الحكام الموالين لرومه. وكان مائة وعشرون ألفاً من الألمان قد عبروا في هذه الأثناء نهر الرين، واستقروا في فلاندرز فشدوا بذلك أزر أريوفستس، وأخذ يعامل أهل البلاد معاملة الشعوب المغلوبة، وشرع يمني نفسه بالاستيلاء على بلاد غالة بأجمعها (١٤).
وبدأت في الوقت عينه قبائل الهلفتي Helvetti الضاربة حول جنيفا تهاجر نحو الغرب، وكانت عدتها نحو ٣٦٨. ٠٠٠، وأنذر قيصر بان هذه القبائل تعتزم اختراق بلاد غالة النربونية في طريقها إلى جنوبي فرنسا الغربي. ويصف ممسن Mommsen حركات هذه القبائل بقوله: "لقد كانت القبائل الألمانية الضاربة تتحرك في جميع الأصقاع الممتدة من نهر الرين إلى المحيط الأطلنطي، وكانت هذه اللحظة شبيهة باللحظة التي انقضت فيها قبائل الألماني والفرنجة على إمبراطورية القياصرة المتداعية .. بعد خمسمائة عام من ذلك الوقت"(١٥) وأخذ قيصر يحتال لإنقاذ رومه بينا كانت رومه نفسها تدبر المؤامرات للقضاء عليه.