وكتب سبنسر "مات سدني، مات صديقي بهجة الدنيا وزينتها (٢٩) " إن سدني هو الذي أمد سبنسر بالشجاعة لينظم القريض. نشأ إدموند ابناً لا يبشر بحسن المستقبل لصانع ملابس باليومية، وكان ينتمي من بعيد لآل سبنسر الإرستقراطيين، مما لم يتح للصبي أية فرصة للظهور. ومكنته أموال البر والصدقات من اللحاق بمدرسة Merchant Taylors ثم كلية بمبروك في كامبردج حيث عمل ليكسب أجر إقامته بالقسم الداخلي بها. وما أن بلغ سن السابعة عشرة حتى كان يكتب، بل حتى ينشر، شعراً. وحاول هارفي أن يوجهه إلى القوالب والموضوعات الكلاسيكية القديمة. وحاول سبنسر في تواضع أن يرضيه، ولكن سرعان ما تمرد على القيود التي فرضتها الأوزان البغيضة على عروس الشعر عنده. وفي ١٥٧٩ عرض على هارفي القسم الأول من ملحمته "الفيري كوين"، ولم يتذوق هارفي محتواها المجازي الذي يشبه أسلوب العصور الوسطى، ولم يقدر وزنها الشعري الرقيق، ونصح الشاعر أن يتخلى عن مشروعه، ولكن سبنسر تابع العمل.
إن هارفي، النكد المجهم المشاكس، هو الذي هيأ لسبنسر مكاناً في خدمة ارل ليستر. وهناك التقى الشاعر بسدني وأحبه وأهدى إليه "تقويم الراعي"(١٥٧٩) قلد فيها من حيث الشكل تيوكريتس، ولكنه اتبع فيها خطة التقاويم الشعبية المألوفة التي تحدد أعمال الرعاة تبعاً لفصول السنة. وقامت فكرتها الرئيسية على حب غير مرغوب فيه من جانب الراعي كولين كلوت لروزيلاند القاسية. وليست مما يوصي أحد بقراءتها، ولكن إطراء سدني لها أكسب سبنسر شيئاً من الإقبال عليها أو التهليل لها. وارتضى الشاعر، رغبة منه في كسب العيش، منصب سكرتير آرثر لوردجراي نائب الملكة الجديد في إيرلندا (١٥٧٩)، ورافقه إلى ساحة القتال. وشهد وأقر ما عمد إليه آرثر من ذبح من استسلموا من الإيرلنديين في سمروك. وبعد سبع سنوات من الخدمة الكتابية للحكومة الإنجليزية في إيرلندا، منح من الأملاك المصادرة من الثوار الإيرلنديين، قصر كلكولمان Kilcolman على الطريق بين مالو وليمرك، بالإضافة إلى ٣٠٠٠ فدان.