كتاب قصة الحضارة

البحث العلمي - ٨ - الأحياء - ج: 33 - ص: 213

وعرض توماس سافوي على مجلس البحرية بإنجلترا جهازاً مماثلاً حوالي عام ١٧٠٠، ولكن الجهاز رفض بهذا التعليق-فيما روى-"أي شأن للمتطفلين الذين لا صلة لهم بنا بتصميم أو اختراع أشياء لنا؟ (٥٤) " وقدم سافوي عرضاً لاختراعه على نهر التايمز، ولكن البحرية رفضته ثانية. وفي ١٦٩٨ سجل أول آلة بخارية استعملت فعلاً في ضخ الماء من المناجم. وفي ١٦٩٩ منح براءة خولت له لمدة أربعة عشر عاماً "احتكار استعمال اختراع جديد … لرفع الماء وإحداث الحركة بقوة النار الضاغطة، سيكون ذا فائدة كبرى في نزاح المناجم، وتوفير المياه للمدن، وتشغيل المصانع بجميع أنواعها (٥٥) " على أنه تبين أن آلات سافوي غالية وخطرة. فقد كان لها صنابير للقياس ولكن لم يكن لها صمامات أمن، وكانت عرضة لانفجارات الغلايات، ومع أنها استخدمت في بعض المناجم لنزح الماء منها، إلا أن أصحاب المناجم عادوا سريعاً إلى استخدام الخيل في هذه المهمة.

عند هذه النقطة من القصة نلتقي مرة أخرى بروبرت هوك. ويروي معاصر موثوق بروايته أنه حوالي ١٧٠٢ كان يتبادل الرسائل مع تاجر حديد وحداد يدعى توماس نيوكومن حول إمكان استخدام مبدأ المضخة الهوائية في إحداث القوة المكنية. كتب يقول "إذا استطعت أن تحدث فراغاً سريعاً تحت اسطوانتك الثانية انتهى عملك (٥٦) " ويلوح أن نيوكومن كما يجري تجارب على آلة بخارية، هنا اتصل العلم والصناعة اتصالاً مرئياً. ولكن هوك كان شكاكاً، فتخلى عن التجربة، وفاتته فرصة مرة أخرى. وانضم نيوكومن إلى سمكري يدعى جون كولي في صنع آلة بخارية (١٧١٢) -بذراع متذبذب، ومكبس، وصمام أمن-يمكن الركون إليها في القيام بعمل شاق دون خطر الانفجار، وبقدرة كاملة على التحكم الذاتي. واستمر نيوكومن حتى وفاته (١٧٢٩) في تحسين آلته، ولكن في وسعنا أن نؤرخ-من براءة سافوي في ١٦٩٩، وآلة نيوكومن في ١٧١٢ - ، بداية الثورة الصناعية التي ستغير في القرنين التاليين وجه الدنيا وهواءها.

[٨ - الأحياء]

مدت جماعة الباحثين الممتازة التي صنعت مجد الجمعية الملكية