اقترب، أكثر من هارفي، من شرح كيفية انتقال الدم من الشرايين إلى الأوردة إن أنبل الجيوش كانت تتقدم على مائة جبهة لتخوض أعظم الحروب والمعارك إنها معارك العلم.
[٦ - العلم والصحة]
وفي هذا النضال من أجل العلم والمعرفة، كانت المعركة الأساسية هي معركة الحياة ضد الموت، وهي معركة خاسرة على الصعيد الفردي، ظافرة بانتظام على المستوى الجماعي. وكم للأطباء والمستشفيات، وفي نضالهم لعلاج الأمراض والآلام، من أعداء بشريين في القذارة الشخصية، والقذارة العامة، والسجون الكريهة الرائحة والمثيرة للاشمئزاز، والدجالين وجرعاتهم السحرية، والمتصوفين "العلميين"، ومعالجي الفتق، نديبي الحجارة، ومعالجي إعتام عدسة العين، وخالعي الأسنان، هواة تحليل البول. وسارت الأمراض الجديدة في سباق مع العلاجات والأدوية الجديدة.
وكان مرض الجذام قد اختفى، وقللت الوسائل الوقائية من الإصابة بمرض الزهري، وكان فاللوبيو قد اخترع (١٥٦٤) غلافات من الكتان لاتقاء عدوى هذا المرض. (وسرعان ما استخدم هذا لمنع الحمل، وكان يباع لدى الحلاقين المومسات أو أصحاب المواخير (٥٤)). ولكن أوبئة التيفوس والتيفود والحمى والمالاريا والدفتريا، والإسقربوط والأنفلونزا والجدري والدوزنتاريا، ظهرت في تلك الحقبة في عدة أقطار في أوربا، وبخاصة ألمانيا. وثمة إحصاءات قد يكون مبالغاً فيها، بأن الوفيات بلغت ٤٠٠٠ من الطاعون الدملي في بازل ١٥٦٣ - ١٥٦٤، وأن ٢٥% من سكان فريبورج-أم-بريزو ماتوا بالطاعون ١٥٦٤، و٩٠٠٠ في ردستوك، و٥٠٠٠ في فرانكفورت ١٥٦٥، ٤٠٠٠ في هانوفر، و٦٠٠٠ في برونزويك ١٥٦٦ (٥٥) وعزا السكان المذعورون مثل هذا الطاعون إلى دس السموم عمداً. وفي فرانكشتين في سيليزيا أحرق ١٧ شخصاً