الحياة من آلام وأشجان، "لأنهم سوف يضعون نصب أعينهم، ذلك اليوم الذي يستقبل فيه الرب عباده المخلصين في مملكته الوادعة، ويجفف كل دمعة تتساقط من عيونهم، ويكسوهم بثياب الفرح، ويزينهم بتيجان المجد، ويؤانسهم بمباهج، لا يمكن التعبير عنها، ويرفعهم إلى درجة الزمالة لجلالته، ويدعوهم إلى … المشاركة في سعادته"(٢٣). ولعل هذا كان اعتقاداً لا غنى عنه للفقراء أو التعساء الذين ينتشرون في بقاع الأرض.
[٣ - جنيف وستراسبورج]
١٥٣٦ - ٤١
بينما كان كتاب "القوانين" في المطبعة (مارس ١٥٣٦)، قام كالفن برحلة سريعة عبر جبال الألب إلى فرارا، وذلك متابعة لتقليد مرعى بصفة عامة، وإن لم ينعقد الإجماع على الخضوع له (٢٤). ولعله ذهب إلى هناك ليطلب من الدوقة البروتستانتية رينيه، زوجة الدوق أركول الثاني، وابنة المرحوم لويس الثاني عشر، أن تمد يد العون إلى البروتستانت المضطهدين في فرنسا. وعينته مرشداً روحياً لها، مدفوعة بقوة معتقداته الدينية، وذلك عن طريق رسائل تفيض بالاحترام المتبادل، ظلت موصولة حتى وفاته. وعاد كالفن إلى بازيل في مايو، وجازف بالذهاب إلى نويون ليبيع شيئاً من أملاكه، ثم انطلق مع أخيه وأخته إلى ستراسبورج. وتوقفوا لبعض الوقت في جنيف، لأن الطريق كانت مغلقة بسبب الحرب (يوليو ١٥٣٦).
وكانت عاصمة سويسرة الفرنسية اقدم من التاريخ نفسه … كانت في عصور ما قبل التاريخ مجموعة من مآوى البحيرات، شيدت فوق أكوام، لا يزال بعضها يرى حتى اليوم. وكانت في عهد يوليوس قيصر ملتقى لطرق التجارة عند الجسر، الذي يخرج عنده نهر الرون مندفعاً من بحيرة ليمان، ليضرب في فرنسا بحثاً عن البحر الأبيض المتوسط. وخضعت جنيف في العصور الوسطى لحكم أسقفها الروحي والدنيوي على السواء. وكان الأسقف