تختاره عادة إدارة الكاتدرائية، التي أصبحت لذلك السبب قوة لها وزنها في المدينة، وتلك كانت بالضرورة الحكومة التي أعدها كالفن فيما بعد، في الشكل الذي يساير المذهب البروتستانتي. وتحرر دوقات سافوي، التي كانت تقع خلف جبال الألب مباشرة، من سيطرة إدارة الكاتدرائية في القرن الخامس عشر، وقروا إلى منصب الأسقفية الرجال الذين أفادت منهم دوقية سافوي، وأسلموا أنفسهم إلى ملذات الحياة الدنيا خوفاً من ألا يكون هناك عالم آخر. وفسدت الحكومة الأسقفية، التي قدر لها أن تكون يوماً من أحسن الحكومات، كما انحدرت أخلاق رجال الدين، الذين يعملون تحت أمرتها. ووافق أحد القساوسة على تنفيذ أمر صدر له بطرد محظيته، بشرط أن يتجرد زملاؤه من رجال الدين مثله من نخوتهم، ورجحت كفة النخوة (٢٥).
وفي نطاق هذا الحكم الكهنوتي الدوقي، كونت العائلات الكبرى بجنيف مجلساً من ستين عضواً، لإصدار القوانين البلدية، واختار المجلس أربعة من المأمورين لتنفيذ هذه القوانين، وكان المجلس يجتمع عادة في مقر الأسقف لكاتدرائية القدّيس بطرس، ولم يكن هناك خط فاصل بين الاختصاص الديني والاختصاص المدني، فبينما كان الأسقف يسك النقود ويقود الجيش، كان المجلس يضع الضوابط التي تحكم الأخلاق، ويصدر قرارات الحرمان، ويرخص للبغايا بالعمل. وكما جرى العرف في ترير وماينز وكولونيا، كان الأسقف أيضاً أميراً من أمراء الإمبراطوريّة الرومانية المقدسة، ومن الطبيعي أنه أخذ على عاتقه القيام بوظائف، يجد الأسقف نفسه في حل منها الآن. وسعى بعض الزعماء المدنيين، برئاسة فرانسوا دي بونيفار، إلى تحرير المدينة من نير السلطة الأسقفية والسلطة الدوقية معاً. وعقد هؤلاء الوطنيون حلفاً بين فرايبورج الكاثوليكية وبرن البروتستانتية لدعم هذه الحركة. وأطلق على المنضمين لهذا الحلف الإصلاح الألماني Eidgenossen أي رفقاء القسم وهو لفظ معناه المتحالفون، وحرفه