للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقطعين من الملك. ولم تكن الرابطة الأولى في هذه الصلات المعقدة هي الرابطة الاقتصادية، بل كانت هي الرابطة العسكرية، فقد كان الرجل يقدم الخدمة العسكرية والولاء الشخصي، أو يدين بهما، إلى سيد، وكان ما يعطي له من الأرض جزاء له على خدمته وولائه لا أكثر ولا أقل. وكان الإقطاع من الوجهة النظرية نظاماً عظيماً تتبادل بمقتضاه الأخلاق الطيبة، يربط رجال المجتمع المعرض للخطر بعضهم ببعض برباط قوامه تبادل أداء الواجبات، والحماية، والإخلاص.

[٥ - الكنيسة الإقطاعية]

وكان مالك الضياعة في بعض الأحيان أسقفاً أو رئيس دير؛ وكان كثير من الرهبان يعملون بأيديهم، وكثير من الأديرة والكنائس تنال حظها من أموال العشور التي تجبي من الأبرشية، ولكن المؤسسات الكهنوتية الكبيرة كانت بالإضافة إلى هذا العمل اليدوي وتلك الأموال في حاجة غلى المعونة المالية؛ وكانت تنال الجزء الأكبر من هذه المعونة من الملوك والأشراف على صورة هبات من الأرض أو أنصبه من الإيرادات الإقطاعية. وتراكمت هذه الهدايا حتى أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي، وأكبر السادة الإقطاعيين في أوربا؛ فقد كان دير فلدا مثلاً يمتلك ١٥. ٠٠٠ قصر صغير من قصور الريف، وكان دير سانت جول يمتلك ألفين من رقيق الأرض (٤٠)؛ وكان ألكوين في تور سيداً لعشرين ألفاً من أرقاء الأرض (٤١). وكان الملك هو الذي يعين رؤساء الأساقفة، ورؤساء الأديرة، وكانوا يقسمون يمين الولاء له كغيرهم من الملاك الإقطاعيين، ويلقبون بالدوق والكونت وغيرهما من الألقاب الإقطاعية، ويسكون العملة، ويرأسون محاكم الأسقفيات والأديرة، ويضطلعون بالواجبات الإقطاعية الخاصة بالخدمة العسكرية والإشراف الزراعي. وكان الأساقفة ورؤساء الأديرة المرتدون الزرد والدروع والمسلحون بالحراب من المناظر المألوفة