بسبب محاولة نابليون استخدامها كأداة سياسية، فالكنيسة الكاثوليكية الفرنسية التي كانت حتى ذلك الوقت غالية Gallican أي مناهضة لبابا روما، أصبحت الآن توقر الباباوية وتبدي ولاءها لها. والجزويت Jesuits (طائفة اليسوعيين) الذين سبق أن طردهم بابا خائف مرتعد، عادوا مرة أخرى يمارسون نشاطهم في مختلف أنحاء العالم المسيحي في ظل البابا بيوس السابع المهذب والمصمم في الوقت نفسه، وقد حدث هذا في سنة ١٨١٤.
وفي هذا العام نفسه استعادت الباوباوية سلطانها الزمني، بل وازداد سلطانها الروحي بسبب المقاومة الهادئة التي أبداها البابا السجين. وقد اعترف نابليون نفسه بسوء حكمه على البابا بيوس السابع وكان هذا الاعتراف بعد تنازله عن العرش للمرة الأولى:"لقد كنت دائما أعتقد أن البابا شخص ذو شخصية ضعيفة جدا .. لقد عاملته بقسوة. لقد كنت مخطئا. لقد كنت أعمى". ومن ناحية أخرى فإن البابا بيوس لم يقلل أبدا من شأن نابليون ولم يبخسه أبداً حقه، فقد أبدى إعجابه به كثيرا، بل لقد أظهر تعاطفا معه عندما سجن مع أنه (أي نابليون) كان سجانه. وعندما شكت أم نابليون للبابا من أن الإنجليز يسيئون معاملة ابنها في سانت هيلينا St. Helena، توسل بيوس للكاردينال كونسالفي Consalvi طالبا منه التدخل لصالح عدوه السابق الذي هوى. وعاش البابا بعد موت الإمبراطور بعامين. إذ مات في سنة ٣٢٨١ وهو يهذي هذيان المحموم سافونا، فونتينبلو Savona ، Fontainebleau.
[٥ - ما وراء المعارك]
المعارك هي الألعاب النارية في دراما التاريخ، فخلفها يكمن الحب والكراهية بين الرجال والنساء، والكفاح والمقامرة في مضمار الاقتصاد، والهزائم والانتصارات في مجالات العلوم والآداب والفنون والتطلع اليائس لعقيدة دينية.
وقد يكون الإيطالي عاشقا متعجلا، لكنه يعمل بحيوية على زيادة أفراد الجنس البشري (المعنى أنه كثير الجماع) كما أنه يريد أن يملأ شبه الجزيرة الإيطالية الذهبية بأمثاله، حتى إن المهمة الوحيدة للمعارك والحروب هي تقليص عدد السكان المزدحمين، ولم تكن الكنيسة الكاثوليكية تشجع عدم الإنجاب بل كانت ترفضه أكثر من رفضها للزنا، لذا فلم تكن