في النهاية. وبينما كانت كل أوربا تقريباً تتردى في سنوات سبع من الحرب، منح فرديناند شعبه فترة من السلام والرخاء أطول مما حظيت به أسبانيا منذ أيام فليب الثاني.
وفي ١٧٥٨ ماتت ماريا بربارا. وكان الملك يحبها حباً يوحي بأن السياسة لم يكن لها دخل في زواجهما، ومن ثم اعترته حالة من الاكتئاب وتشعث الشعر وإطلاق اللحية ذكرت الناس باكتئاب أبيه من قبل، وأصابته هو الآخر لوثة في آخر سنة من عمره. وفي أخريات أيامه كان يأبى الذهاب إلى فراشه مخافة ألا ينهض منه أبداً. ومات في كرسيه في ١٠ أغسطس ١٧٥٩ وبكى الجميع الملكين الحبيبين لأن حكمهما كان بركة ندر أن حظيت بها أسبانيا.
[٤ - التنوير يدخل أسبانيا]
قصة التنوير في أسبانيا مثال لقوة عرضة للمقاومة تصطدم بجسم ثابت لا يقبل الحركة. فالخلق الأسباني، ووفاؤه لإيمانه الوسيط وفاء كتبه بالدم، كان يصد كل رياح الهرطقة أو الشك عاجلاً أو آجلاً، ويرفض كل دخيل من الزي أو العادات أو الاقتصاد. ولم يحبذ الفكر الدخيل غير قوة اقتصادية واحدة-هي التجار الأسبان الذين كانوا يتعاملون مع الأجانب كل يوم، ويعرفون أي قوة وثراء حققهما ونظراؤهم في إنجلترا وفرنسا. وكانوا راغبين في استيراد الأفكار إذا استطاعت أن تضعف من السلطة التي ورثها النبلاء والأكليروس على أرض أسبانيا وحياتها وعقلها. وقد علموا أن الدين فقد سلطانه في إنجلترا، وسمع بعضهم بنيوتن ولوك، لا بل أن جبون قدر له أن يجد بعض من يقرؤونه في أسبانيا (١٩).
وبالطبع هبت أقوى رياح التنوير من فرنسا. وكان النبلاء الفرنسيون الذين تبعوا فليب الخامس إلى مدريد قد مستهم الزندقة التي أخفت رأسها أيام لويس الرابع عشر، ولكنها استشرت أيام الوصاية. وفي ١٧١٤ أسس