ولقيت من ابن زوجها معاملة رقيقة مجاملة، ولكنها فقدت سلطانها على التأثير في الأحداث. وأصبحت زوجة فرديناند، ماريا بربارا، تلميذة سكارلاتي، هي المرأة التي تقف وراء العرش. ومع أنها كانت مفرطة الولع بالطعام والمال، فإنها كانت روحاً أرق من إيزابيللا، وبذلت أكثر همتها لتشجع الموسيقى والفن. وواصل فارنيللي غناءه لحكام الجدد، ولم يستطع هاريسكورد سكارلاتي أن ينافسه. وعمل الملك والملكة على إنهاء حرب الوراثة النمساوية، فقبلا معاهدة إكس-لا-شابل (١٧٤٨)، مع إنها أعطت تسكانيا للنمسا، وبعد عام أنهيا اتفاق الازينتو الذي عمر ١٣٦ سنة بدفع ١٠٠. ٠٠٠ جنيه لشركة بحر الجنوب تعويضاً عن خسارة امتيازاتها في تجارة الرقيق.
كان فرديناند رجلاً حسن النية، لطيفاً أميناً، ولكنه ورث جسداً رقيقاً وكان معرضاً لنوبات من الغضب كان يخجل منها خجلاً مؤلماً. (١٨) وحمله الوعي بعيوبه على ترك الحكم لوزيرين قديرين-دون دون خوزيه دي كارفاخال وزينون دي سومر ديفللا، مركيز انسنادا. وحسن انسنادا أساليب الزراعة، وأعان بالمال التعدين والصناعة، وشق الطرق والقنوات، وألغى المكوس الداخلية، وأعاد بناء البحرية واستبدل بضريبة البيوع البغيضة ضريبة على الدخل والممتلكات، ونظم المالية من جديد، وحطم عزلة أسبانيا الفكرية بإيفاده البعوث من الطلبة إلى الخارج. ويرجع بعض الفصل إلى دبلوماسية انسنادا في إبرام اتفاق مع البابوية (١٧٥٣) احتفظ للملك بحق فرض الضرائب على الأملاك الكنسية وتعيين الأساقفة للكراسي الأسبانية. وقد حد من سلطان الكنيسة، وأخضع ديوان التفتيش، وألغيت الاحتفالات العلنية بإحراق المهرطقين.
واختلف الوزيران في سياستهما الخارجية. فأما كارفاخال فقد أثر فيه لطف السفير البريطاني المخلص، السير بنجامين كين، فاستن سياسة مؤيدة للبريطانيين مسالمة لهم، وأما انسنادا فقد حابى فرنسا، وتحرك نحو محاربة إنجلترا. وطال صبر فرديناند عليه لأنه قدر نشاطه وكفايته، ولكنه أقاله