للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضئيل الذي يحصل عليه خدمها. وبفضل هباتها أو بإذن منها أصبح ليستر أغنى لوردات إنجلترا، واستولى سير فيليب سدني على أراض شاسعة في أمريكا، وأخذ رالي أربعين ألف فدان في إيرلندة، ونعم ارل اسكس الثاني باحتكار استيراد النبيذ الحلو، وارتفع سير كرستوفر هاتون من مجرد "كلب مدلل" لدى الملكة إلى أكبر منصب في الدولة وحامل خاتم الملكة. ولم تعد إليزابث تحس بالعقول الجبارة قدر إحساسها بالسيقان الرشيقة-لأن عمد المجتمع هؤلاء لم يكونوا قد غطوا سيقانهم بالبنطلونات بعد، وعلى الرغم من كل أخطاء الملكة، فإنها اتخذت خطوة وشقت الطريق بغية إبراز الطاقات المختزنة في رجال إنجلترا الأفذاذ، واستثارت هممهم وشجاعتهم للقيام بالمشروعات الضخمة، وعقولهم إلى التفكير الجريء، وسلوكهم نحو الكياسة والفطنة، وإلى نظم الشعر والدراما والفن. وحول هذه الحاشية، وهذه المرأة تكاد تكون قد تجمعت كل عبقرية إنجلترا في أزهى عصورها.

[٥ - إليزابث والدين]

احتدمت معركة الإصلاح الديني المريرة داخل البلاط الملكي والأمة، وأثارت مشكلة أتجه تفكير كثير من الناس إلى أنها ستربك المملكة وتدمرها، فقد كان ثلثا إنجلترا، وربما ثلاثة أرباعها من الكاثوليك (٣٩). وكان معظم القضاة والحكام وكل رجال الدين من الكاثوليك. وكان البروتستانت محصورين في الثغور الجنوبية والمدن الصناعية، وكانت لهم الغلبة في لندن حيث تضخم عددهم بسبب اللاجئين إليها من وجه الظلم في القارة. أما في المقاطعات الشمالية والغربية- وكلها زراعية تقريباً- فكان عددهم لا يكاد يذكر (٤٠). وكانت روح البروتستانت على أية حال، أشد حماساً وغيرة من الكاثوليك بشكل لا يقاس. وفي ١٥٥٩ نشر جون فوكس كتاباً يصف فيه، في غضب شديد، معاناة البروتستانت في العهد السابق، وترجمت مجلدات الكتاب في ١٥٦٣ تحت اسم Actesand Monuments ( الأعمال والآثار)، وكانت معروفة بين الناس باسم "كتاب الشهداء" وكان لها أثر مثير في نفوس البروتستانت لأكثر من قرن من الزمان. وكان للبروتستانتية