كانت الكنيسة الكاثوليكية من الناحية المالية أسلم مؤسسة في البلاد، تملك نحو ٦% من الأرض، وأملاكاً أخرى تقدر قيمتها في مجموعها بمبلغ يتفاوت بين بليوني جنيه وأربعة بلايين، وتغل دخلاً سنوياً قدره ١٢٠.٠٠٠.٠٠٠ جنيه (١). يضاف إلى هذا ١٢٣.٠٠٠.٠٠٠ جنيه من العشور التي تجبى على غلات الأرض وماشيتها (٢). وكانت هذه الدخول في نظر الكنيسة لازمة لأداء مختلف وظائفها-وهي دعم الحياة الأسرية، وتنظيم التعليم (قبل ١٧٦٢)، وتربية الأخلاق، وتأييد النظام الاجتماعي، وتوزيع الصدقات، ورعاية المرضى، وتوفير الأديرة ملاذاً للنفوس النزاعة للتامل أو العازفة عن السياسة يحميها من الفوضى الزحام واستبداد الدولة، وغرس مزيج حكيم من الخوف، والرجاء، والتسليم، في نفوس ضرب عليها الفقر أو المشقة أو الحزن نتيجة لعد المساواة الطبيعية بين البشر.
كل أولئك زعمت أنها تفعله بواسطة أكليروسها الذي كان قوامه نحو نصف في المائة من السكان. وكان عدد رجاله قد تقلص منذ عام ١٧٧٩ (٣)، وأصاب الأديرة اضمحلال خطير. ويروون إن "رهبان كثيرون كانوا يحبذون الأفكار الجديدة، ويقرأون مؤلفات الفلاسفة"(٤). وهجر مئات الرهبان حياة الرهبنة ولم يحل محلها جدد، وتقلص عددهم في فرنسا بين ١٧٦٦ و١٧٨٩ من ٢٦.٠٠٠ إلى ١٧.٠٠٠، وفي أحد الأديرة