بلا ريب عن زجاج الكنائس الملون. واشتركت الأراضي الوطيئة في هذه الحركة، فبلغ رهبان ليبج وغنت في فن تزيين الكتب بعض ما بلغه فن النحت في أمين Amiens وريمس Reime من الشعور الحماسي والرشاقة الفياضة، وأخرجت أسبانيا أعظم آية مفردة من آيات هذا الفن في القرن الثالث عشر في كتاب ترانيم للعذراء هو تسابيح (ألفونسو العاشر) الملك الحكيم (حوالي عام ١٢٨٠). وإن نقوشه الصغيرة البالغ عددها ١٢٢٦ نقشاً لتشهد بما كان يبذل في كتب العصور الوسطى من كد وإخلاص. ولا حاجة إلى القول بأن هذه الكتب كانت كتب خط كما كانت كتب تصوير، وكان الفنان الواحد في بعض الأحيان ينسخ ويؤلف النصوص ويكتبها ثم يرسم النقوش بيده. وإن الإنسان ليتردد، إذا أراد أن يحكم على الكثير من الكتب، أيهما أجمل زينتها أو نصها. إلا إننا قد خسرنا بالطباعة الشيء الكثير.
[٣ - النقوش الجدارية]
من العسير علينا أن نقول إلى أي حد أثرت زخارف الكتب من حيث موضوعها وأشكالها في نقوش الجدران واللوحات المصورة، والصور المقدسة، ونقوش الخزف، والنحت البارز، والزجاج الملون، وإلى أي حد أثرت هذه في زخارف الكتب. لقد كان بين هذه الفنون تبادل كثير في موضوعاتها وأنماطها، وتفاعل مستمر. وكان الفنان الواحد في بعض الأحيان يمارسها جميعاً، وإنا لنظلم الفن والفنان معاً إذا ما فصلنا أحد هذه الفنون عن بقيتها فصلاً تاماً، او فصلنا الفنون عن الحياة القائمة في أيامها، ذلك أن الحقيقة أكثر ارتباطاً أجزائها من تواريخها، وإذا ما جزأ المؤرخ عناصر الحضارة التي يجري تيارها مجتمعاً في مجرى واحد، فإنما يفعل ذلك لسهولة البحث والإيضاح لا غير. وليس من حقنا أن نفصل الفنان عن الثقافة المعقدة التي ربته وعلمته، وأمدته بالتقاليد والموضوعات -