للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن نتبين خطايانا وآثامنا في كل ما اقترفه الناس في ذاك القرن، طبقاً لما تيسر لديهم من وسائل وأساليب.

وأنا لنجد في نفس الوقت أن الكاثوليكية والبروتستانتية كلتيهما، كانتا قد أقامتا ودعمتا أساسين لانبعاث الروح المعنوية والأخلاقية: تهذيب سلوك رجال الإكليروس بالزواج أو بالزهد والتعفف، والتوكيد على أن البيت هو الملاذ الأخير للإيمان والحشمة واللياقة. وقد يأتي اليوم حين يرجع الرجال والنساء بأبصارهم إلى الوراء، في حسد خفي، إلى القرن السادس عشر، حيث كان أسلافهم أشراراً وأحراراً إلى الحد الذي كانوا عليه يومذاك.

[٤ - آداب السلوك]

كان الحكم على الناس آنذاك، مثل ما هو حادث اليوم، بعادتهم أكثر منه بأخلاقهم. لقد تجاوز الناس، بقدر أكبر من طيب النفس، عن الخطايا التي ارتكبت بأقل قدر من الوحشية. وأعظم قدر من الكياسة. وفي هذا المجال كانت إيطاليا هي الرائدة، شأنها في كل شيء باستثناء المدفعية واللاهوت. وكان الناس شمال جبال الألب، فيما عدا القشرة الرقيقة الخارجية في سكان فرنسا وإنجلترا، أفظاظاً غلاظاً، إذا قورنوا بالإيطاليين في هذا، كثير من الفرنسيين الذين سحرت ألبابهم فتوحاتهم في إيطاليا في ميادين الحرب وآداب السلوك، ولكن المتبربرين الهمجيين كانوا يتوقون إلى التمدن وارتقاء سلم الحضارة. وحذا رجال البلاط وسيداته والشعراء والمفسدون في الأرض من الفرنسيين حذو الإيطاليين ونهجوا نهجهم. وسار الإنجليز الهوينا خلفهم. وترجم كتاب كاستليونى " رجل البلاط" (١٥٢٨) إلى الفرنسية في ١٥٣٧، وإلى الإنجليزية في ١٥٦١، واختلفت الدوائر الأدبية