للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واشتركت أبناء هذا العرض مع عوامل أخرى في ثني فيليب عن عزمه على القيام بعمل جديد ضد القوة العثمانية الرئيسية. وتورط في النزاع مع إنجلترا، وفي المأزق الذي أوقعه فيه دوق ألفا في الأراضي الوطيئة، كما استاء من إصرار البندقية على احتكار التجارة في الأدرياتك، وخشي من أن انتصار ثانيا على الأتراك قد يبعث القوة والحياة في الإمبراطورية البندقية المتداعية، فتصبح منافساً قوياً لأسبانيا. أما بيوس الخامس الذي أرهقته الانتصارات والهزائم معاً، فإنه لقي ربه في أول مايو ١٥٧٢، وماتت معه العصبة المقدسة.

[٣ - اضمحلال السلاطين]

وفي نفس الوقت، وبنشاط أفزع الغرب، بنى العثمانيون أسطولاً آخر، في مثل ضخامة الأسطول الذي كاد أن يدمر عن آخره. وفي بحر ثمانية أشهر بعد معركة ليبنتو، كان ثمة أسطول تركي مكون من ١٥٠ سفينة يجوب البحار بحثاً عن الأسطول المسيحي الذي بلغ من سوء النظام حداً لم يجرؤ معه على الخروج من مكمنه. وشجع الجميع البندقية على استئناف الحرب، ولكن أحداً لم يمد لها يد المساعدة، ومن ثم فإنها عقدت مع السلطان (٧ مارس ١٥٧٣) صلحاً لم تتنازل بمقتضاه عن قبرص فحسب، بل دفعت كذلك للسلطان تعويضاً يغطي ما تكبده من نفقات في فتح الجزيرة. لقد خسر الأتراك المعركة ولكنهم كسبوا الحرب، ويبدو كيف أنهم لم يصبهم أي وهن، من العرض الجريء الذي تقدم به سوكوللي إلى البندقية (١٥٧٣)، وهو أنها إذا انضمت إلى الأتراك في حربهم ضد أسبانيا، فلسوف يساعدونها في غزو مملكة؛ بلي لتكون تعويضاً سخياً لها عن ضياع قبرص. ورفضت البندقية هذا العرض لأنه يشجع السيطرة التركية على إيطاليا والعالم المسيحي. وفي أكتوبر أحيا دون جوان مجده بالاستيلاء على تونس لحساب أسبانيا، ولكن في بحر عام واحد استطاع الأتراك بأسطول ضخم آنذاك (٢٥٠ سفينة) استعادة المدينة