فقد نفذ قضاء الله فيها في ١٨٠٦، وبدا لجوته أنه من الخير أن تتوحد أوربا، لا سيما تحت رآسة رجل ألمعي كوبنابرت. ولم يغتبط بهزيمة نابليون في واترلو، مع أن دوقة قاد أفواج فايمار مرة أخرى ضد الفرنسيين. لقد كانت ثقافته واهتماماته أشمل وأعم من أن يتيحا له الشعور بالكثير من الزهو الوطني، ولم يستطع أن يستشعر في نفسه الميل لتأليف الأغاني ذات الحماسة القومية رغم كثرة ما طلب إليه. قال لأكرمان وهو في الثمانين:
"أنى لي أن أؤلف أغاني الحقد وأما لم أشعر بشيء من الكره؟ وأقول فيما بيني وبينك أنني لم أكره الفرنسيين قط وإن شكرت الله على خلاصنا منهم. وأنى لي، أنا الذي أرى الحضارة والهمجية الشيئين الوحيدين اللذين لهما مغزى، أن أبغض أمة هي من أكثر أمم الأرض ثقافة، أمة أدين لها بجزء عظيم من ثقافتي؟ على أية حال أرى أن مسألة الكراهية بين الأمم هذه شيء غريب. فأنت ستجد دائماً أقوى وأشد مما تكون ضراوة في المراتب الدنيا من المدنية. ولكن يوجد مستوى تختفي فيه كلية، ويقف عليه الإنسان فوق الأمم إذا جاز التعبير، ويحس أفراح شعب مجاور أو أتراحه كأنها أفراحه هو وأتراحه. ولقد كان هذا المستوى يلائم طبيعتي، ولقد بلغته قبل أن أبلغ الستين بزمن طويل"(٦).
ألا ليت كل دولة غنيت بمليون من هؤلاء "الأوربيين الصالحين! ".
[٢ - فاوست (الجزء الأول)]
لم يقبل جوته دعوة نابليون إياه للانتقال إلى باريس أو للكتابة عن قيصر، ذلك أنه طالما احتضن في ذهنه وفي مخطوطاته موضوعاً أثاره إثارة أعمق من حتى أعظم مستقبل سياسي: إلا وهو صراع النفس لبلوغ الفهم والجمال "وهزيمة النفس بسبب قصر عمر الجمال وروغان الحقيقة، والسلام المستطاع للنفس، بتضييق الهدف وتوسيع الذات. ولكن كيف