للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٣ - العهد الأعظم أو مجنا كارتا]

لقد ورث ريتشارد الأول الملقب بلقب الأسد عرش أبيه دون أن ينازعه منازع، وكان رتشرد ابن إليانور المغامرة المتهورة التي لا تغلب، ولقد تتبع خطاها ولم يتبع خطا هنري القدير النكد. وولد رتشرد في أكسفورد ١١٥٧ وانتدبته أمه ليصرف شئون أملاكها في أكتين، وفيها أشربت نفسه بثقافة بروفانس المتشككة، و"بعلوم" الشعراء الغزليين "المرحة" ولم يعد قط رجلاً إنجليزياً. وكان حبه للمغامرات والغناء أكثر من حبه للسياسة والإدارة، وامتلأت الاثنتان والأربعون سنة التي عاشها بحوادث روائية تكفي لأن تملأ مائة عام، وكان لشعراء زمانه مثالاً يحتذونه ونصيراً يلقون منه التشجيع. وقد قضي الخمسة الشهور الأولى من حكمه في جمع المال اللازم لحرب صليبية؛ فخص بهذا الغرض جميع الأموال التي خلفها وراءه هنري الثاني، وأقصى آلافاً من الموظفين ثم أعاد تعيينهم نظير جعل يتقاضاه منهم، وباع صكوكاً بالحرية للمدن التي تستطيع أداء ثمنها، واعترف باستقلال اسكتلندة نظير ١٥. ٠٠٠ مارك، ولم يقبل هذا الثمن القليل لأنه يزهد في المال بل لأنه شديد الحب للمغامرات. ولم يمض على اعتلائه العرش نصف عام حتى أبحر إلى فلسطين، ولم يكن حرصه على سلامته أكثر من حرصه على حقوق غيره؛ وقد أثقل كاهل البلاد بالضرائب إلى أقصى طاقتها، وبدد ما جمعه من المال في الترف، والولائم، والمظاهر الكاذبة، واندفع في العمل خلال العقد الأخير من القرن الثاني عشر بجرأة وتهور جعلا زملاءه الشعراء يضعونه في صف الإسكندر، وآرثر، وشارلمان.

وحارب صلاح الدين وأحبه، وعجز عن هزيمته وأقسم أن يهزمه، وقفل