للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع

[ألقبيادس]

واجتمعت ثلاثة عوامل حولت هذا العهد الذي أخذته المدن اليونانية على نفسها بأن تدوم المودة بينها خمسين عاماً كاملة إلى هدنة مؤقتة لم تدم إلا ست سنين. وهذه العوامل الثلاثة هي: الفساد الذي طرأ على السلم فجعله "حرباً بوسائل أخرى؛ وقيام ألقبيادس على رأس حزب ينادي بامتشاق الحسام؛ ومحاولة أثينة الاستيلاء على المستعمرات الدورية في صقلية، ورفض حلفاء إسبارطة أن يوقعوا شروط الاتفاق مع أثينة، وانشقوا عليها بعد أن ذهبت قوتها، وحولوا ولاءهم إلى أثينة. واحتفظ ألقبيادس في أثينة بالسلم رسمياً، ولكنه كان في واقع الأمر يعد العدة لمحاربة إسبارطة، وحشد المدن اليونانية الموالية لأثينة في واقعة دارت رحاها عند منتينيا Mantinea (٤١٨) . وانتصرت إسبارطة في المعركة، وعقدت المدن اليونانية هدنة أخرى على الرغم منها.

وفي هذه الأثناء سيَّرت أثينة أسطولاً إلى جزيرة ميلوس الدورية تطلب إليها أن تكون دولة خاضعة لسلطان الإمبراطورية الأثينية (٤١٦). ويقول توكيديدز - وأكبر الظن أن المؤرخ الذي فيه يخضع للفيلسوف السوفسطائي أو الطريد المنتقم - إن الرسل الأثينيين لم يبرروا اعتداءهم بأكثر من قولهم إن القوة هي الحق: "لقد أملت علينا الآلهة وعلمنا الناس أن هؤلاء وأولئك يحكمون أينما استطاعوا وفقاً لقانون محتوم متأصل في طبيعتهم، ولسنا نحن أول من سنّ هذا القانون أو عمل به؛ لقد وجدناه قائماً من قبلنا، وسنتركه قائماً سرمدياً من بعدنا؛ وكل ما نستطيع أن نفعله أن نسير على سننه، لأنا نعرف أنكم أنتم وكل من عداكم من الناس ستفعلون فعلنا إذا أوتيتم ما أوتينا من قوة" (١٦). وأبى أهل