للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يؤسس فانديك مدرسة، ولم يترك بصمات على الفن في القارة، ولكن أثره في إنجلترا كان بالغاً. فإن الرسامين المحليين مثل وليم دويسون، وروبرت ووكر، وصمويل كوبر، أسرعوا في تقليد أسلوبه المتملق الذي يدر ربحاً. وعندما سادت موجة عارمة من الصور الشخصية بظهرو رينولدز وجينزبرو فإن تراث فانديك كان مصدر كل تعليم وتثقيف وإثارة. ولم تكن الصور الشخصية التي رسمها فانديك عميقة. لقد كان متعجلاً إلى درجة لم تتح له البحث عن الروح. وتوقف في بعض الأحيان عند الوجه أو اللحية. إن الفرسان الذين أحاطوا بالملك شارل الأول اشتهروا بسلوكهم الحميد، وما كان متوقعاً أن يبدوا كثير منهم وكأنهم شعراء، وكان من المنتظر أن تصل إلينا، من خلال عيني فانديك وفرشاته بعض أخيلة البطولة التي نجدها في وقفتهم إلى جانب مليكهم. وليس من العدل أن نتوقع من هذا الشاب الهزيل المحظوظ حيوية روبنز العارمة، أو عمق رمبرانت المؤثر. ولكنا سنبقى على اعتزازنا بهذه الصور الشخصية الجنوسية والفلمنكية والإنجليزية، على أنها "معالم دقيقة ثمينة" متألقة في تراثنا.

[٥ - الاقتصاد الهولندي]

أية قفزة تلك التي تنقلنا من اللوردات الإنجليز الذين يفوح منهم شذا العطر إلى مواطني هارلم ولاهاي وأمستردام الأجلاف الأقوياء: هناك عالم فريد خلف السدود، عالم ماء اكثر منه عالم أرض، عالم سفن ومغامرات تجارية أكثر منه عالم قصور وبلاط وفروسية. ولا يكاد يوجد في تاريخ الاقتصاد شيء أشد إزعاجاً من ظهور الهولنديين باعتبارهم قوة دولية، أو في تاريخ الثقافة شيء يبعث على الرضا والارتياح أكثر من تحول هذه الثروة إلى فن.

وفي ١٦٠٠ بلغ عدد سكان المقاطعات المتحدة نحو ثلاثة ملايين نسمة، كان نصفهم فقط يفلح الأرض، وفي ١٥٢٣ أقام نصفهم في المدن، وصار كثير