الصغير Little Corporal (عبارة تدليل أطلقها عليه جنوده) مكللا بغار المجد محملاً بالأسلاب - إلى باريس لاعتماد معاهداته التي أبرمها من حكومة إدارة انتقالية كان هو - بانتصاراته - قد ساعد أعضاءها على البقاء في مناصبهم.
[٥ - انقلاب: ١٨ فروكتيدور - ٤ سبتمبر ١٧٩٧]
لم تكن باريس التي وصلها هي باريس نفسها التي ألفها في أيام عامي ١٧٩٢ و ١٧٩٣ حيث حكم الجماهير والحشود. بل إنه حتى منذ سقوط روبيسبير سنة ١٧٩٤ كانت العاصمة (باريس) تتبع خطى أهل الريف فزادت معارضتها للثورة؛ معارضة ذات بعد ديني وبعد سياسي أيضا. فالكاثوليكية - بقيادة القسس الذين لم يقسموا يمين الولاء للدستور المدني - استعادوا نفوذهم على شعب كان قد فقد تصديقه للبديل الدنيوي عوضا عن الآمال المعقودة على حياة أخرى فيها العزاء وزاد حنينه إلى الطقوس الدينية والمناسبات المرتبطة بالقديسين، فزاد إهماله للنظام العشري لتقسيم الأيام الذي ابتدعته الثورة The décadi واعتبار اليوم العاشر هو يوم الراحة، وعادوا للاحتفاء بيوم الأحد من كل أسبوع وتوقيره. إن فرنسا تصوت الآن لصالح الرب.
أما بالنسبة للملك، ففي البيوت والصالونات والشوارع بل وفي تنظيمات الأحياء التي كان العوام (السانس كولوت) يسيطرون عليها - راح الرجال والنساء يتحسرون على أيام الرجل الطيب لويس السادس عشر وراحوا يلتمسون الأعذار لما وقع فيه البوربون Bourbon من أخطاء وراحوا يتساءلون أيمكن لأي حكومة أخرى غير الملكية الشرعية أن تعيد النظام والأمان والرخاء والسلام وتخرج فرنسا من حالة الفوضى والجريمة التي دمرت فرنسا؟ والمهاجرون العائدون (الذين كانوا قد تركوا فرنسا إثر قيام الثورة) كثر عددهم حتى إن الظرفاء منهم أطلقوا على مقار إقامتهم في باريس اسم "كوبلنز الصغيرة Le petit Coblenz" (إشارة إلى مكان إقامتهم في ألمانيا بعد مغادرتهم فرنسا)، وفي مقارهم في باريس بعد عودتهم كان يمكن للمرء أن يسمع الفلسفات الملكية التي كان يدعوهم إليها