يظلم الناس دمنيك حين يقولون إن اسمه يوحي بمحاكم التحقيق، ذلك أن دمنيك لم يكن هو الذي أنشأ تلك المحاكم، ولم يكن هو الذي تلقى عليه تبعة ما لجأت إليه من إرهاب؛ فقد كان نشاطه مقصوراً على هداية الناس بالقدوة والموعظة الحسنة. وكان أقوى من فرانسس شكيمة، ولكنه كان يجله ويراه أعظم منه قداسة، وحباه فرانسس بحبه جزاء له على هذه الصفات الطيبة. وكان عمل الرجلين في جوهره واحداً: فكلاهما نظم طائفة عظيمة من الرجال لا يعملون إلى نجاة أنفسهم بطريق العزلة، بل بالتبشير بين المسيحيين وغير المسيحيين. وأخذ كلاهما من الضالين أعظم أسلحتهم إقناعا - وهو مدح الفقر والقيام بالوعظ، وكان لهما معاً فضل إنقاذ الكنيسة.
ولد ومنجو دي جزمان Domingo de Guzman في قلعة رويجا من أعماله قشتالة (١١٧٠) ونشأ رعاية عم له من القساوسة، فكان رجلاً من آلاف الرجال الذين تمكنت المسيحية من نفوسهم، وعمرت بها قلوبهم. ويقال إنه لما نزل القحط بمدينة بلنسية، باع جميع متاعه، وفيه كتبه الثمينة ليطعم يثمنها فقراء المدينة. وأصبح قساً أغسطينياً نظامياً في كنيسة أسما Osma، وصحب أسقفها في عام ١٢٠١ في بعثة تبشيرية إلى طولوز، وكانت وقتئذ مركز الفئة الألبجنسية الضالة. وكان مضيفهما نفسه ألبجنسيا، وقد يكون من الأقاصيص الموضوعة أن دمينك هداه إلى الدين القويم في أثناء الليل. وأوحى إليه نصح الأسقف، والمثل الذي له بعض الضالين، فعمد إلى حياة الفقر الاختياري.