المقترحات، على أنها، عملياً، تقويض للملكية. وعين البرلمان-كأنما كان يتدرب على دور الثورة الفرنسية-لجنة "الأمن العام"، وأمر بأن "يحشد جيش على الفور، (١٢ يوليه) " وسافر كرومويل وآخرين إلى مواطنهم لجمع المتطوعين وتنظيمهم. وفي نداء إلى الأمة (٢ أغسطس) أسس البرلمان ثورته، لا على رغبته في السيادة البرلمانية، بل على تفاقم الكاثوليكية في إنجلترا، وحذر البلاد من أن انتصار الملك لا بد أن يعقبه مذبحة عامة للقضاء على البروتستانت (٨٤). أو في ١٧ أغسطس استولى وكلاء البرلمان على المخازن العسكرية في هل. وفي ٢٧ أغسطس ١٦٤٢ نشر شارل رايته فوق نوتنجهام، وبدأت الحرب الأهلية الأولى.
[٩ - الحرب الأهلية الأولى]
١٦٤٢ - ١٦٤٦
انشقت إنجلترا الآن-بصورة لا يكاد يكون لها مثيل من قبل في تاريخها المعروف، وانحاز إلى صف البرلمان لندن والثغور والمدن الصناعية، وبصفة عامة الجنوب والشرق، ومعظم الطبقة الوسطى، وجزء من الطبقة العليا، وعملياً كل البيوريتانيين. وانضم إلى جانب الملك أكسفورد وكمبردج والغرب والشمال، ومعظم الأرستقراطيين والمزارعين، وكل الكاثوليك والأنجليكانيين الأسقفيين تقريباً. وكان مجلس العموم منقسماً على نفسه، حيث ناصر الثوار نحو ٣٠٠ عضو، على حين بلغ عدد الملكيين نحو ١٧٥ عضواً. وبلغ عدد مجلس اللوردات ١١٠، انحاز إلى جانب البرلمان نحو ٣٠ منهم في بداية الأمر، ورجحت كفة الثورة ضد الملك. وكان في لندن نصف ثروة الأمة، وقدمت للثورة القروض بسخاء عظيم، على حين عجز الملك عن الاقتراض من أي مكان. وكان الأسطول يناصبه العداء، فسد المنافذ على كل معونة أجنبية. ولم يكن أمام الملك إلا أن يعتمد على الهبات والمنح وعلى رجال من الضياع الكبيرة التي أحس أصحابها أن مصلحتهم في تلك الأرض تتحقق بانتصاره، وانبعث من جديد في الأسرات القديمة بعض فضائل الفروسية ومشاعرها، وقدموا المال للملك بلا قيد أو شرط، وقاتلوا وسقطوا في الميدان كما يسقط كرام الرجال. واندفع الفرسان المفعمون فتوة وحيوية، بشعورهم المعقوصة وخيلهم المطهمة بأبهى السروج إلى غمار حرب بطولية، ومعهم كل الشعراء