كان حظ الطبيعة والكيمياء أحسن من حظ علمي طبقات الأرض والأحياء، ذلك أن قوانينهما وعجائبهما كانت في جميع الأوقات أكثر ائتلافاً مع عقيدة الإيمان بالله من "أنياب العالم الطبيعي ومخالبه الحمراء". ويدلنا على قوة هذه العلمين في بداية تلك الفترة ما كان يبذله ألفر المالمزبري Oliver of Malmesbury من جهود لصنع طائرة؛ فقد أتم في عام ١٠٦٥ تركيب جهازه، وعلا به في الجو من مكان مرتفع ولقي حتفه (٤٥).
ولمع في عالم الميكانيكا في القرن الثالث عشر اسم عظيم، اسم راهب دمنيكي سبق إسحق نيوتن إلى عدد من المبادئ الأساسية في هذا العلم. ذلك هو جردانس نموراريوس Jordaus Nemorarius الذي أصبح في عام ١٢٢٢ القائد الثاني للرهبان الدمنيكيين. وإن قيامه بأعماله الباهرة في ميدان العلوم الطبيعية ليشهد بما كان عليه الإخوان الواعظون من حماسة عقلية وغيرة علمية. وقد ألف هذا الراهب ثلاث رسائل في العلوم الرياضية نافس فيها رسائل فيبوناتشي في شجاعته ونفوذه العظيم، استخدم فيها الأرقام الهندية، وارتقى بعلم الجبر بحرصه الدائم على استعمال الحروف بدل الأرقام في قوانينه العامة. وقد درس في كتابه Elementa super demonstrationem ponderis فعل الجاذبية في مسير جسم متحرك، ووضع القانون المعروف الآن باسم بديهية جردانس. وهو أن القوة التي تستطيع رفع جسم معين إلى ارتفاع معين تستطيع رفع جسم أثقل من الأول ك المرات إلى ارتفاع يقل عن الارتفاع الأول ك المرات. وحلل في رسالة أخرى De ratione ponderis (لعل مؤلفها أحد